أشرف المذيوب اطار من الحماية المدنيّة يكتب ..”حماة الحياة .. فلسفة التضحية بين الواجب والعزيمة”

الحماية المدنية ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة إنسانية سامية تحمل في طياتها أسمى معاني التضحية، الشجاعة، والإيثار. إنها الخط الفاصل بين الحياة والموت، بين الفوضى والنظام، بين اليأس والأمل. رجال الحماية المدنية لا يملكون رفاهية التردد، ولا يُتاح لهم خيار التأجيل، فهم الجنود المجهولون الذين يهرعون إلى قلب الخطر حين يفرّ الجميع، يحملون أرواحهم على أكفهم لإنقاذ أرواح الآخرين، رغم قلة الإمكانيات وكثرة التحديات.
في هذا الكتاب، أسعى إلى استكشاف الحماية المدنية من منظور أعمق، ليس فقط كجهاز وظيفي، بل كفلسفة للحياة، وكقيمة أخلاقية تتجلى في المجتمعات المتقدمة والنامية على حد سواء. سأتناول كيف يمكن لعزيمة الفرد أن تتحدى ضعف البنية التحتية، وكيف يمكن للإرادة الإنسانية أن تتفوق على العقبات اللوجستية والبيروقراطية. سنبحث في الفجوة بين الواقع العربي والأنظمة المتقدمة في ألمانيا واليابان، حيث البنية التحتية مهيأة لخدمة رجال الطوارئ، بينما في دولنا العربية، يواجهون العوائق المرورية والطرقات غير المهيأة التي تعيق نجاعة التدخل في الوقت المناسب.
لكن رغم كل الصعوبات، يبقى رجال الحماية المدنية رموزًا للصمود، يثبتون يومًا بعد يوم أن الشجاعة لا تُقاس بالمعدات، بل بالعزيمة، وأن التضحية ليست مرتبطة بثراء الدول، بل بثراء النفوس.
هذا الكتاب ليس مجرد تأريخ للمهنة، بل هو محاولة لفهمها بعمق، لفك رموز علاقتها بالمجتمع، ولطرح تساؤلات جوهرية: ما الذي يدفع إنسانًا لتعريض حياته للخطر من أجل الآخرين؟ هل التضحية واجب أم اختيار؟ وما الذي يمكن أن نتعلمه من تجارب الأمم التي نجحت في بناء منظومات حماية فعالة؟
من خلال مزيج من التحليل الفلسفي، التجربة الميدانية، والمقارنات الواقعية، آمل أن يقدم هذا الكتاب رؤية جديدة للحماية المدنية، تضعها في إطارها الإنساني قبل المهني، وتسلط الضوء على أهميتها في بناء مجتمعات أكثر أمانًا وإنسانية.

أشرف المذيوب