أي دور محتمل للإعلام ومادة التربية المدنية في التخفيف من منسوب العنف؟…ياسين فرحاتي
يلعب الصحفي دورا متقدما في المجتمعات الغربية فهو المكنى ب” رجل التغيير ” ( عن الكتاب الأمريكي المترجم إلى اللغة العربية : ” الصحفي المحترف ” ) و ما فتئ دوره يتنامى في الكشف عن الجرائم و المآمرات و الدسائس في إطار صحافة التحقيقات أو ما يسمى بالصحافة الاستقصائية. و لكن يتحدث أهل الاختصاص عن خطر يهدد هذه المهنة الشريفة ألا وهو الذكاء الاصطناعي إلى جانب وبال الحروب و ما تقدمه من قوافل شهداء خصوصا في المناطق الساخنة. لنذكر فقط رقما مفزعا جدا عن شهداء الكلمة الحرة في غزة أكثر من مئتي صحفي و لكن ” الصحافة ليست جريمة ” و هو الشعار الذي ترفعه وسائل الإعلام الحرة و الجادة و منها شبكة الجزيرة و ذلك تضامنا مع إحياء يوم “عدم الإفلات من العقاب “.
و يتمتع الصحفي بدقة الملاحظة و له نوع من الحدس في فهم الأحداث و تلقف الأخبار. و قد شهدت الصحافة أو الإعلام تطورا هائلا بفضل الثورة التكنولوجية.
إن مهمة الكاتب هي الإصلاح ما استطاع إلى ذلك سبيلا و نشر الوعي بين الناس و هي رسالة متجددة على الدوام و قد تعلمنا منذ المصلحين الأوائل منذ زمن أدباء ” مقهى تحت السور ” مثل علي الدوعاجي و الطاهر الحداد و أبو القاسم الشابي و الهادي العبيدي و عثمان الكعاك و السنوسي و غيرهم من أفذاذ الكتاب و الشعراء أن نقتفي أثرهم و نسير على دربهم و نستلهم من أفكارهم و هم من رموا بأنفسهم في أتون الجحيم حبا في وطنهم زمن الاستعمار الفرنسي لبلادنا.
إن أهمية رجل الإعلام و الحاملين لأستاذية الصحافة و الاتصال من خريجي معهد الصحافة و علوم الاخبار و بعض المعاهد الخاصة، هي موضوع أو محور مقترح لتدريس هذه المادة في المعاهد الثانوية و سيناقش في مجلس النواب قصد دراسة إمكانية تنظيم مناظرة في الغرض.
إن بعض السلوكيات الغريبة و الشاذة التي يمارسها البعض من أطفالنا و شبابنا بما في ذلك ما تتعرض له بعض وسائل النقل العمومي ، من اعتداء سافر من قبل شبان مارقين و متهورين و خارجين عن القانون بين الفتنة و الأخرى في المدن الكبرى يثير أكثر من استفهام و حيرة و استغراب لماذا يحدث هذا في بلادنا ؟ ألهذا فقد أطفالنا الشعور بحدود الحرية ! و أنا أكاد اتفق تماما مع ما كتبه الزميل الصحفي و المذيع المعروف عبد الكريم قطاطة منذ إبان حادثة تهشيم بلور قطار صفاقس القادم من تونس و سرقة مقتنياته.
و قد تمت قبلها معاقبة المعتدين على حافلات نقل عمومي بتونس و يجب أن يكون العقاب للردع و لمزيد تنبيه الغافلين من أولياء الأمور إلى أن ما يقترفه أبنائهم مخالف لشرع الله و للقانون الذي يجمعنا و نسير وفقه. كما أن تحطيم الكراسي و استعمال العنف في ملاعب كرة القدم من قبل بعض جماهير فرقنا الرياضية أمر غير مقبول و سلوك متكرر رغم العقوبات الردعية لسلطة الإشراف و يجب أن تتوقف لأنه ببساطة يرجعنا سنوات إلى الوراء من خسائر مادية جسيمة و نحن نرنو و نتوق إلى الإصلاح و البناء و التشييد كشعار يرفعه رئيس الدولة و كل ما من يشعر بالمسئولية الوطنية.
هنا تتدخل مادة و أساتذة “التربية المدنية ” حتى يوضحوا للناشئة و هم التلاميذ و اللذين هم في سن المراهقة عن حدود الحق و الواجب و أن الحرية أيضا لها حدود و ضوابط فلا يجوز البتة التلاعب و العبث بهذه القيمة الكونية. فلا ينبغي لأي كان أن يخترق مجالا ليس ملكا له و أن يعرف ما يجلب له المضرة و التتبعات العدلية و ما يجلب له المنفعة و الخير.
و لكن و كما قال احد الفلاسفة أن الدولة لكي تنشر العدل لأنه على وثيق اتصال بحقوق و واجبات المواطنين تحتاج إلى القوة ( سباسية، فكرية ، اقتصادية ) و كلامي هذا لا يعني مطلقا ممارسة العنف بدون سبب و لكن تطبيق القانون في صورة الإخلال به و الإضرار بالملك العام و المصلحة العليا للوطن و ممتلكات الغير بمن هو المواطن سواء كان الجار أو أي مواطن تونسي تتقاسم معه نفس الخصائص و المبادئ و القيم. و هنا لا زلت أحفظ نصا قصيرا و بلينا منذ سنوات التعليم الثانوي عن الحق و الواجب أقتبس منه ما يلي :” أي بني لقد سادت عند أمثالك من الشبان فكرة خاطئة و هي شدة المطالبة بالحقوق من غير الالتفات إلى أداء الواجبات مع تلازمهما فهما ككفتي ميزان إن خفت إحداهما خفت الأخرى “.
و ليس لنا إلا أن نقول إن صلاح المجتمع من صلاح الفرد و على الأسرة بما هي النواة الأولى للتربية أن تلعب دورا متقدما في هذه العملية حيث يعد التلميذ محورها بحسب نصوص و قوانين وزارة التربية و ما تعودنا على سماعه من المتفقدين.
و لكن لن نسأم أو نمل أو نيأس من الدعاء بالخير فلعلها تكون دعوة مستجابة هي المسافة بين السماء و الأرض كما قال الإمام علي كرم الله وجهه.






