
إحذروا حالات العنف الباحث عن “شرعية” وهمية…مصطفى عطية
بعد حادثة محطة قطار صفاقس وما رافقها من إعتداءات على الملك العمومي والخاص، بتعلة التعرض لٱستفزازات جمهور فريق رياضي منافس، وما حصل في ملعب بنزرت من رشق بالحجارة أدى إلى إصابة الحكم المساعد للمقابلة، بحجة التعرض لمظالم تحكيمية، وما تم إقترافه ضد مؤسسة تجارية وحرفائها، بدعوى نصرة غزة ، بدا مسلسل العنف وكأنه يبحث عن تبريرات يستمد منها “شرعيته”، وهو، من هذا المنظور، أخطر حالات العنف
صحيح إننا لسنا” أمة وسط وٱعتدال وتسامح” كما دأبوا على تلقيننا منذ عشرات السنين، وقد أثبتت وقائع سنوات ما بعد 2011، وخاصة عشرية “الإرهاب والغنائم”، هذه الحقيقة، بعد إنفجار ما كان مكبوتا وممنوعا ومعتما عليه، لغياب الردع وٱنتشار الفوضى والإنفلات والمزايدات الشعبوية الرخيصة، صحيح، أيضا، إنه لو عدنا إلى تاربخنا، وتمعنا في الفترات الحالكة منه، وهي عديدة ومرعبة، وكم حاولنا إخفاءها وطمسها والتعتيم عليها، فسوف نصاب بالصدمة، فقبل الفتح الإسلامي إرتمى الشعب التونسي بين أحضان المسيحية الدوناتية والأريوسية وتدثر ببعض مناهجها المتطرفة، وفي العصر الإسلامي، إنساق وراء مشعوذ من الخوارج، يدعى أبا يزيد مخلد الخارجي، ويلقب، “تحقيرا وٱستخفافا”، ب”صاحب الحمار”. يقول إبن حماد عن هذا “الثائر”المشعوذ :”كان يرى الجمع بين الأختين بملك اليمين”، وأورد عماد الدين إدريس في “عيون الأخبار وفنون الآثار” إن صبية قالت لأبيها: “يا أبتاه أقتلني وٱستر علي وعلى نفسك، وهذا أبو يزيد قد إفتضني وأختي على فراش واحدة”، وأجاب صاحب الحمار على هذه التهمة بالقول:”إن في مذهبي أن أجمع الأخوات المملوكات، وهاتان مملوكتان من سبايا وذراري المشركين”، ويضيف إبن حماد أن أبا عمار الأعمى عاتبه بالقول :”إفتضضت الأبكار حتى أحبلت ثماني عشرة إمرأة هن الآن مقيمات في معسكرك” !!! وقد دفع الحقد الأعمى بمراد الثالث إلى دك العديد من المدن، إنتقاما وثأرا، كذلك فعل علي باشا وٱبنه يونس، والصادق باي… والقائمة طويلة.
لقد عانت بلادنا طويلا من الأحقاد، حتى جاء الإستقلال، وٱنبعثت الدولة الحديثة بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة، الذي كرس جهده للقضاء هلى هذه الظاهرة الدنيئة، وحقق في ذلك نجاحات كبيرة يشهد بها القاصي والداني .
الآن وقد أطل أحفاد صاحب الحمار ومراد الثالث وأبي الحسن الحفصي والصادق باي والجنرال زروق وكل الحاقدين المسكونين بنزعة الشر، من وراء هذا الماضي الأسود، فإن لهيب العنف، الباحث عن “شرعية” وهمية ،سيأتي على الأخضر واليابس، إن لم نهرع إلى التصدي له وردع مقترفيه.