إقبال الصّفاقسيّة على شاحنات الخضر والغلال… هل فهمنا الرّسالة؟
كثيرا ما تحدّثنا عن مضارّ الانتصاب الفوضوي بيئيا وصحيا وحتى على مستوى المظهر العامّ للمدينة، ولكننا لم نعدّل الرّأي حتى نكون حقّانييّن… إذ لو تجوّلنا في كل طرقات صفاقس دون استثناء لوجدنا أنّ أكثر المحلّات تحتلّ الأرصفة و”التروتوارات” ولا تساهم في نظافة البيئة والعديد يغشّ في البضاعة المعروضة بالإضافة إلى الفوضى المرورية والسيارات المكدّسة فوق بعضها والمركونة بعشوائية مع طرقات وبنية تحتية لم تواكب التطور العمراني لمدينة المليون ساكن…
أبعد كل هذا ننزعج من بضع شاحنات مركونة على أطراف الطريق تعرض خضرا وغلالا “فرشك” أكثر من بعض المحلّات من المنتج إلى المستهلك وبأسعار لا تقبل المنافسة ؟… علينا أن نعلم أنّ بعض الغلال يجب أن تؤكل من شجرتها وتُنقل إلى المشتري في يومها وهذا ما تتيحه الشاحنات أو البائعون على جانبي الطريق… فتين “البيثر” أو التوت أو التفاح العربي بالإضافة إلى “الهندي” والتمر والبرتقال والثّوم والبطّيخ والدّلّاع وغيرها من الخضر والغلال التي يقبل عليها المواطنون لأنها “فرشكة” تأتينا من الحقل ومن الفلّاح مباشرة وتقطع الطريق أمام الوسطاء والمحتكرين والمضاربين وبعض التجار الجشعين وذلك بأثمان مقبولة ومعاملة جيدة من الباعة…
بل إنها تقترب من الحريف حيث يسكن وتغنيه عناء التنقل… علينا أن نرى الصفوف الطويلة للمواطنين الذين ليسوا أغبياء ويعرفون ماذا يفعلون… علينا أن نَعِيَ ونعلمَ مدى تعطّش الصفاقسية للأسواق الشعبية وللغلّة الفرشك وللأسعار العادية… وعلى المسؤولين أن يشجّعوا هكذا فكرة ربّما بتنظيمها أكثر إن كانوا حقا أبناء الشعب البسيط… لم نتطوّر ولسنا “مذخمين” إلى الحدّ الذي ننكر فيه جمال الأسواق الشعبية وبهجتها ورونقها… نحن في أغلبنا أبناء “الفريب” والفطائر والزّمّيط والدّرع والبسيسة والأواني والخضر والغلال… انظروا إلى الأسواق الشعبية في كل مدينة وفي كل قرية “village” والتي كُتبت فيها كتب في كل أنحاء العالم ؟ لماذا صفاقس فقط أصبحت “مذخمة” بالكذب ؟
لماذا بعثرتم الموتى في جبّانة الشّعري ثم ألغيتم سوق الجمعة الرائع في آخر التسعينيات والذي كنّا نستمتع بالذهاب إليه صغارا فنلاقي كل الجيران وكذلك كان الحال في قصاص ساقية الزيت قبل 10 سنوات بالإضافة إلى سوق الأحد حذو بلدية ساقية الدائر ؟ إنّ إلغاء هكذا أسواق قرار غير شعبي من متنفّذين لا يعلمون معاناة النّاس… انظروا إلى الشابة وسوق الأحد فيها يشقّ طريقا رئيسية بينها وبين المهدية التي يوجد في مدخلها الرئيسي سوق جمعة تُغلق من أجله الطرقات رغم أنها مدينة سياحية ولكنّهم غير منزعجين من هذه الأسواق التي تلبّي رغبات المواطنين وهي من صميم عاداتهم وتقاليدهم ولكنّ صفاقس “مذخمة” أكثر من الجميع.
سامي النّيفر