إلى قارئ الأخبار العزيز سامي مصدّق… سامي النيفر

إلى قارئ الأخبار العزيز سامي مصدّق… سامي النيفر

31 مارس، 21:16

حضور قويّ وصوت رخيم وإلقاء مميّز.. ذلك سامي مصدّق قارئ الأخبار على الوطنية 1 عندما كان الشخص المناسب في المكان المناسب… إنها لمن أمتع الأوقات حين نستمع إليه.. ثابت ولا يقوم بحركات عشوائية وكأنّ على رأسه الطير، يتكلّم بجدّيّة ودون تأتأة، قراءته مسترسلة ولكن منغّمة فيقف عند الفاصلة أو النقطة، ينظر بثقة إلى الكاميرا، صوته جميل ونطقه سليم، هندامه محترم وتقبله العين والأذن… فرض سامي مصدّق نفسه في زمن العمالقة.. بدأ بتقديم نشرة منتصف الليل ثمّ في آخر التسعينيات أصبح في النشرة الرئيسية للأنباء وهي كلمة أصحّ من الأخبار لأن الخبر يمكن أن يكون كاذبا… تونس مدرسة في الإعلام وبالتحديد في قراءة الأخبار وفي التعليق الرياضي واليوم أصبحنا نهرّج.. كان اختيار قارئ الأخبار يخضع إلى مقاييس دقيقة وصارمة… صفات الجدية والحضور وحسن الإلقاء كانت متوفّرة في مذيعي عصره الرائعين على غرار العميدة فتحية عدالة خنشة التي كانت بارعة في تقديم النشرات ولطيفة مقطوف وعبد السلام بلال وحاتم بن يحي وزينة الخميري وناجح الميساوي وقبلهم كان محمّد كريشان والحبيب الغريبي والمرحوم أحمد العموري والقائمة طويلة… قد تكون هناك مؤاخذات سياسية على بعض المذيعين وهذا ليس ثابتا ولكن علينا أن نقرّ أنهم كانوا مبدعين… لا يمكن لك إلا أن تستمتع بالاستماع إليهم… ولكن في آخر عهد بن علي ثم بعد تحوّل 2011 بدأت الأمور تسوء.. وأصبحت الأسماء تفرض بالقوّة.. فما معنى أن يكون عبد الجليل العبّاسي في نشرة منتصف الليل مقابل أسماء أقل منه كفاءة تقدّم النشرة الرئيسية ؟ سامي مصدّق قال كلمته في بن علي رغم أننا نختلف معه في بعض مواقفه السياسية ولكنّنا نحبّ فيه الإعلامي الناجح وهو الآن يعمل في دبي مستشارا إعلاميا ومعدّا للبرامج رغم أننا كنّا ولا نزال نتمنى أن نراه يقدّم الأخبار كي لا نُحرم من جمال طلّته وحسن إلقائه… بالإضافة إلى ذلك فهو ضليع بالعربية ويكتب مقالات جيدة… سامي مصدّق ومنذ بداياته توقّعنا له مستقبلا مشرقا خارج تونس للأسف وهذا ما حصل ولكن خسارة أن يظل خلف الكاميرا بينما يقف أمامها أشباه المذيعين الذين لا يقيمون لها وزنا ولا يعرفون وقار الأخبار وكذلك نقول حول المعلّقين الرياضيين الذين يهرّجون وطبلة الأذن يثقبون… نقطة مشرقة في تقديم الأخبار بقيت في إذاعة صفاقس إلى يومنا هذا عند رشيدة الغريبي وسهام شعور التي يدخل صوتها برفق إلى الآذان ونستمتع بإلقائها… أما التلفزة الوطنية فعليها أن تستفيق من نومتها الطويلة وخاصة في قسم الأخبار وفي الأثناء نقول : لقد اشتقنا كثيرا إليك وإلى زمنك يا سامي مصدّق.
سامي النيفر

مواضيع ذات صلة