الدورة 6 من مهرجان قابس سينما فن قراءة الصور بمنظور مستحدث.
على غرار الدورات الفارطة سيكون كورنيش قابس مسرحا مفتوحا لاحتضان جزء هام وحيوي من فعاليات مهرجان قابس سينما فن من 27 أفريل الى 1 ماي 2024. بمناسبة افتتاح معرض الكازما، وككل سنة، تم تجهيز الفضاء لاستقبال تنصيبات فن الفيديو والتي تمت برمجتها تحت إشراف الفنانة والسينمائية البرازيلية أنا فاز التي ارتأت لأن يكون شعاره الرئيسي متمحورا حول استعادة الهوية الإنسانية الضاربة جذورها في الأرض.
التيمة الرئيسية للمعرض هي: ” شموس أخرى : نحو سياسة كونية للامنصاعين” وقد اختار القائمون على معرض الكازما هذه التسمية لما تحمله من معان جوهرية و مؤسسة داخل حوار جنوب-جنوب يرونه ممكنا خصوصا بحمله لقيم سامية من قبيل التضامن و الحرية. الضيوف المدعوون لتأثيث المعرض سيتقاطرون من فلسطين المحتلة و من أمريكا الجنوبية حيث سيقع النقاش مطولا حول النظام العالمي الجديد و شباك هيمنته الأيدولوجية التي يرسلها في كل مكان و طبعا سبل التخلص و الإفلات منها.
يراوح الفيديو مكانه بين الصور، النصوص، المقاطع الصوتية والشخصيات الخيالية منها والواقعية في محاولة لاستحضار روح مع وقع الاستيلاء عليه غدرا من أراض تمت استباحتها ثم محاولة طمس كل ما يقع فوقها. باستعمال وتوظيف سرديات شتى، تاريخية و دينية أو حتى ذاتية يذهب العمل الى التركيز مليا على ما يتركه فعل التهجير من عميق الاثر السلبي لكنه يبقي الباب مشرّعا على أمل أن إعادة بناء الأنا المعتدى عليها و ترميم الهوية المتشظية يبقيان أمرا ممكنا.
في ”الكازما“، ستلتقي أفلام و أعمال الفلسطينيات بسمة الشريف ومنى حاطوم ورزان الصلاح، والمخرجة الإيرانية باراستو أنوشاهبور، مع أعمال لفنانة جمهورية الدومينيكان جينيسيس فالنزويلا والمجموعات الثلاث المدعوة: يامتــونامي من البرازيل وماكسكالي ولوس إنغرافيدوس من المكسيك، لتكون الرواية حول فعل المقاومة جماعية و ان فرقتها الجغرافيا ، هي في النهاية رواية الشعوب/المجتمعات/الجغرافيات التي رزحت/ ترزح تحت نير الآلة الاستعمارية.
يصور عمل” بدأنا بقياس المسافة“ للفنانة الفلسطينية بسمة الشريف خيبة الأمل القصوى من الحقائق خصوصا مع فشل المرئي في إيصال حقيقة المأساة.
”الزمن الذي يفصلنا“ للفنانة الإيرانية باراستو أنوشاهبور يتناول أسطورة زوجة لوط والمواقع الأسطورية المرتبطة بها، وهي تشكيلات صخرية ملحية قديمة على جانبي الحدود المتنازع عليها. عمود الملح ببوابة وادي الأردن المعاصر، وحدوده المعسكرة بشدة وبنيته التحتية السياحية المعقدة، وعوالم الرغبة والجنس الموصومة المقننة في هذا المشهد السياسي شديد التداخل.
في قصة ”كانتو إرانتي“ (الأغنية المفقودة) للكاتبة غينيسيس فالينزويلا، يتم التعامل مع فقدان الأب بشكل شعري ومتخيل من قبل الراوي مرورا بأسطورة الخطيئة وفقدان الجنة التي ترويها فتاة صغيرة.
”مقاييس المسافة“ لمنى حاطوم يأخذ المشاهد إلى عالم حميمي من العلاقات الذاتية بين الأم وابنتها. باستخدام صور لوالدة حاطوم ورسائلها ومحادثاتها، يصور العمل عمق العلاقة ومتانتها، لكنه ينزاح بنا الى الحديث عن المنفى والنزوح والفقدان بسبب الانفصال القسري الناجم عن الحرب.
العملان الجماعيان البرازيليان Uma mulher pensando ) امرأة تفكر) و) Pesca com Timbo الصيد مع تيمبو) يسافران بنا لاستكشاف تقاليد الطهي والعادات الروحية لقبائل السكان الأصليين هناك والتحديات التي يواجهونها في مواجهة تصحير و إزالة الغابات.
في فيلم ) Coyoteذئب القيوط)، تستخدم المجموعة المكسيكية ”لوس إنغرافيدوس (Tehuacán) حواس السمع و البصر لتتبع حيوان يمثل رمزًا من رموز الفولكلور الهندي الأمريكي.
في فيلم ” YÃY TU NŨNÃHÃ PAYEXOP: ENCONTRO DEPAJÉS “ يتتبع المخرج البرازيلي سويلي ماكسكالي قصة مائة عائلة من مجتمع تكميميمو-ماكسكالي أثناء هجرتهم من محمية ألديا فيردي (بلدية لاداينها) بحثًا عن أرض جديدة في جويلية 2020، في ذروة جائحة كوفيد-19. التوتر الناجم عن العزلة جعلهم أكثر إصرارا في البحث عن أرض غنية بالغابات، لكن مع التأكيد على ربط ذلك بوجود المياه، حيث يمكنهم تعزيز علاقتهم مع روح شعوب الياميكسوب، من خلال الأغاني والطقوس والمهرجانات والألعاب.
صوت شبح يتردّد في الفيلم: صوت متخيّل بلا جسد لجدّة المخرجة، لاجئة فلسطينية في لبنان لم تتمكّن من العودة إلى مسقط رأسها. تطارد كلماتها صور حيفا التي التقطتها كاميرا Google Street View ، هي الطريقة الوحيدة التي كان بإمكانها من خلالها زيارة وطنها المفقود. ولكن بعد مرور 50 عامًا على النكبة، لم يعد بالإمكان التعرف على شوارعها. في فيلم ” Ton père est né à 100 ans comme la Nakba “، تقدم المخرجة رزان الصلح التحية للجيل الأول من اللاجئين، تحرص على توظيف الصور كوسيلة للمقاومة ضد النسيان ومن أجل الخلود.