القناتان الوطنيّتان… إلى متى؟
منذ سنوات عديدة والقناتان جامدتان بالإعادات تكتفيان.. لا نشاط ولا جديد ولا عمل ولا إبداع إلا القليل.. ورغم معلوم التلفزة الذي يدفعه المواطن ورغم الإشهار (المنقوص أحيانا) ورغم دعم الدولة إلا أن الوطنيّتان إلى الإفلاس تتّجهان.. في النهاية كل مصاريفهما إلى العاملين فيها مسخّرة رغم الإنتاج المسخرة..
لعلّ هناك فيضا من المشتغلين في الوطنية يتقاضون رواتبهم بعقلية رزق البيليك.. كان يمكن أن تتّجه المصاريف إلى الإنتاج الذي سيجلب عائدات مضاعفة و”يدور الدّولاب” ولو قليلا.. وهنا نسأل : أليس الإعلام العمومي استثمارا يجب أن يكون رابحا ؟ أليس هناك خبراء اقتصاد يفكّون شفرات هذا الرّكود الذي لم يعد يطاق أبدا ؟ أليست القناة الرسمية واجهة البلاد ؟ ألا يغار عليها أبناؤها ؟ ألا يغار عليها العاملون فيها ويتطوّعون بأعمال بسيطة كل قدير وقدره أو ربّما يغيّرون الوجهة إن أحسّوا أنفسهم عبئا ثقيلا ؟
لا فجوابهم نحن في رزق البيليك وما ذنبنا ؟ ولمن نقول لهم ما ذنب الوطن أن يتحمّل هفواتكم ؟ ماذا يفعل المدير العامّ ؟ تلفزة تشتغل وكأنّها آلة فيديو قديمة كل مرة نضع فيها كاسّات مسلسل أو مسرحية أو مباراة أو منوّعة بايتة ! هل كل هؤلاء العاملون لوضع الكاسّات العتيقة ؟ المثل الفرنسي يقول “عندما نريد نستطيع”..
أقل شيء اتركوا المجال لنوادي سينما أو مسرح (حقيقية لا فلكلورية) لإنتاجات جديدة غير مكلفة.. هل نعجز عن صنع منوّعة محترمة أو سلسلة تدوم نصف ساعة على مدار العام.. لا حتى في رمضان يعيدون ويجترّون إنتاجات بورقيبة وبن علي رحمهما الله.. والله لو نادوا على المتقاعدين من أبناء الدار لاشتغلوا مجانا ولعاونوا بخبرتهم وأفكارهم وتأطيرهم..
إلى كل مسؤول وإلى كل عامل في القناة الرسمية التونسية : إنّ عمرها أكثر من 60 سنة وقد كانت دائما سبّاقة ومبادرة ومبدعة رغم بعض الهفوات خاصة في حرية التعبير والآن وقد انفتح المجال أمامكم وتطوّرت التكنولوجيا تقفون مكتوفي الأيدي.. أما من مبادرات في بلد الذكاء والإبداع ؟ إلى متى ستظلون تعيدون ومن الإصلاح تهربون ؟ إما أن تغاروا على مؤسّستكم كما كان أسلافكم يعملون بلا حساب أو اتركوها وارحموها إن كانت لكم ذرّة حبّ للوطن..
ونريدكم أن تبقوا وأن تنجزوا.. اشتروا كاميرا تجوّلوا، حقّقوا، استثمروا، استشيروا خبراء اقتصاد وزملاءكم القدامى.. وببساطة أنجزوا.. العمل الإعلامي شرف ومتعة وصناعة للتاريخ وللوعي ومساهمة في تقدّم الأوطان.. هل كان نجيب الخطّاب أوغيره يقف مكتوف الأيدي في وضع كهذا ؟ كان سينتج وكان سيبدع لأنه يستمتع بعمله ويمتّع الآخرين.. لماذا الجمود ؟ لماذا السلبية ؟ متى الاستفاقة حتى لا أقول صحوة الضمير ؟ التاريخ سيذكركم ونريده أن يذكركم بخير.
سامي النيفر