
المبدع التونسي الغائب في مواجهة الإرهاب .. بقلم أحمد الحباسى كاتب و ناشط سياسى
مع أنني أقف على خط نقيض من كافة عناوين السياسة التركية في المنطقة العربية و مع أنني من الرافضين لسياسة الانفتاح الإعلامية و الفنية على النافذة التركية فلا بد من الاعتراف بصدق أن بعض المسلسلات التركية تؤدى دورا طليعيا في إنعاش الروح الوطنية لدى الشعب التركي و تقوم بالدور المطلوب من النخبة الإبداعية المثقفة التي تحمل لواء النهوض بالروح المعنوية و تقف في خط المواجهة الأول ضد الفكر المتطرف و ضد كل هؤلاء الذين غرروا بشبابنا و جعلوا منه مجرد قنابل انشطارية موقوتة تضرب السلم و الأمن العربي ، أستمع أحيانا إلى بعض المحللين و أكاد أشعر بالاختناق و الإحباط حين يتحدثون عن ضرورة مواجهة هذا الفكر و ينطلقون في تعداد الوسائل المطلوبة دون الالتفات و التركيز على عنصر مهم و هو دور المثقف أو المبدع العربي في هذه الحرب المتعددة الوجوه و الأهداف و لعل هؤلاء المحللين لم ينتبهوا إلى دور الفن التركي و لم يأخذوا العبرة و الدرس .
لست بصدد التعرض إلى شخص أو مؤسسة بعينها و على كل هناك لدى قناعة راسخة أن المبدع التونسي – إلا القليلين جدا ممن رحم ربى – لن يكون يوما على قدر المسؤولية الوطنية المطلوبة و أكاد أجزم أنه لو خيروا رجل ثقافة و إبداع بين إنتاج فيلم مقاولات و بين فلم أو مسلسل مثل مسلسل ” العهد ” التركي لاختار طبعا الخيار الأول دون تفكير ، لو خيروا كاتب سيناريو بين نص من لغة الهشك بشك و نص رفيع يهز الوجدان الوطني لاختار طبعا طريق الاستسهال بحجة قبيحة أسمها ” الجمهور عايز كدة ” ، لعل الفنان عادل إمام لم يلقب بالزعيم لوجه الله و لعله من أول الفنانين الذي رفع خطاب التحدي الفني في السينما العربية كلغة خطاب إبداعية بمقدورها أن تواجه لغة الخطاب التكفيري و لعل عادل إمام من الفنانين القلائل الذي أصروا على العرض أمام الجماهير في أماكن يصعب تأمينها اعتادت أن تكون مسرحا لعدة عمليات إرهابية و من بينها مدينة أسيوط . هذا هو المبدع و صاحب القلم الذي يحمل هموم الشعب و ليس شبه المبدع الباحث عن فلوس الشعب .
إن للفن و الإبداع رسالة خطيرة لا بد أن تقف في وجه الإرهاب و فكر التكفير و المغالطة باسم الدين كما أن الكلمة أمانة كبرى في مواجهة خطاب القتل ، نقول هذا إيمانا أصيلا بأن الفن هو أحد الأسلحة القادرة على فضح خطاب التيارات الأصولية المتطرفة و دعاة السير عكس التيار. أعرف أن هناك من يقول أن التجدّى الأكبر في تونس في هذه الأيام هو تحدّ سياسي وأمنى و اقتصادي في المقام الأكبر لكن لغة العقل تدعونا أيضا إلى استنهاض همم المبدع و صانع الرأي و كل صناع السينما الهادفة لدفعهم الى المشاركة الفاعلة فى معركة الوطن ضد أعداء الوطن ، فى فيلم من أروع أفلام عادل إمام ” مرجان أحمد مرجان ” جسّد ” الزعيم ” شخصية رجل أعمال فاسد استولى على كثير من المنافع بلا مبرر بفضل علاقته بالنظام ، طبعا نحن نعيش ما يسمى ” بالحرب على الفساد ” و لذلك نتساءل هل يمكن للغة الإبداع و الثقافة أن تنتج مثل هذه الأفلام و تكتب مثل هذه السيناريوهات و هل ستتحرر العقول أخيرا .