المبدع التونسي الغائب في مواجهة الإرهاب .. بقلم أحمد الحباسى كاتب و ناشط سياسى

المبدع التونسي الغائب في مواجهة الإرهاب .. بقلم أحمد الحباسى كاتب و ناشط سياسى

16 ديسمبر، 21:51

مع أنني أقف على خط نقيض من كافة عناوين السياسة التركية في المنطقة العربية و مع أنني من الرافضين  لسياسة الانفتاح الإعلامية و الفنية على النافذة التركية  فلا  بد من الاعتراف بصدق أن  بعض المسلسلات التركية تؤدى دورا طليعيا  في إنعاش الروح الوطنية لدى الشعب التركي و تقوم   بالدور المطلوب  من النخبة الإبداعية المثقفة التي  تحمل لواء النهوض بالروح المعنوية و  تقف في خط المواجهة الأول ضد الفكر المتطرف و ضد كل هؤلاء الذين غرروا بشبابنا و جعلوا منه مجرد قنابل انشطارية موقوتة تضرب السلم و الأمن العربي ، أستمع أحيانا إلى بعض المحللين و أكاد أشعر بالاختناق  و الإحباط حين يتحدثون  عن ضرورة مواجهة هذا الفكر و ينطلقون في تعداد الوسائل المطلوبة دون الالتفات و التركيز على عنصر مهم و هو دور المثقف أو المبدع العربي في هذه الحرب المتعددة الوجوه و الأهداف  و لعل هؤلاء المحللين لم ينتبهوا إلى دور الفن التركي  و لم يأخذوا العبرة و الدرس .

 لست بصدد التعرض إلى شخص أو مؤسسة بعينها و على كل  هناك  لدى قناعة راسخة أن المبدع التونسي – إلا القليلين جدا ممن رحم ربى –  لن يكون يوما على قدر المسؤولية الوطنية المطلوبة و أكاد أجزم أنه  لو خيروا  رجل ثقافة و إبداع  بين إنتاج فيلم  مقاولات و بين فلم أو مسلسل مثل مسلسل ” العهد ” التركي لاختار  طبعا  الخيار الأول دون تفكير ، لو خيروا كاتب سيناريو بين  نص من لغة الهشك بشك و نص  رفيع يهز الوجدان الوطني لاختار طبعا طريق الاستسهال بحجة قبيحة أسمها ” الجمهور عايز كدة ” ،  لعل الفنان عادل إمام  لم يلقب بالزعيم لوجه الله  و لعله من أول الفنانين الذي رفع خطاب التحدي الفني في السينما العربية كلغة خطاب إبداعية  بمقدورها أن تواجه لغة الخطاب التكفيري و لعل عادل إمام من الفنانين القلائل الذي أصروا على العرض أمام الجماهير في أماكن يصعب  تأمينها  اعتادت أن تكون مسرحا لعدة عمليات إرهابية و من بينها مدينة أسيوط . هذا هو المبدع و صاحب القلم الذي يحمل هموم الشعب و ليس شبه المبدع الباحث عن فلوس الشعب .

إن للفن و الإبداع رسالة  خطيرة  لا بد أن تقف في وجه الإرهاب و فكر التكفير و المغالطة باسم الدين كما أن الكلمة  أمانة  كبرى في مواجهة خطاب القتل ، نقول هذا إيمانا أصيلا بأن الفن هو أحد الأسلحة القادرة على فضح خطاب التيارات الأصولية  المتطرفة و  دعاة السير عكس التيار. أعرف أن هناك من يقول أن  التجدّى الأكبر في تونس  في هذه الأيام هو تحدّ سياسي وأمنى و اقتصادي في  المقام الأكبر  لكن  لغة العقل تدعونا أيضا إلى استنهاض همم المبدع و صانع الرأي و كل صناع السينما الهادفة لدفعهم الى المشاركة الفاعلة فى معركة الوطن ضد أعداء الوطن ، فى فيلم من أروع أفلام عادل إمام ” مرجان أحمد مرجان ” جسّد  ” الزعيم ” شخصية رجل أعمال فاسد استولى على كثير من المنافع بلا مبرر بفضل علاقته بالنظام ، طبعا نحن نعيش ما يسمى ” بالحرب على الفساد ”  و لذلك نتساءل هل  يمكن للغة الإبداع و الثقافة أن تنتج مثل هذه الأفلام و تكتب مثل هذه السيناريوهات و هل ستتحرر العقول أخيرا .

مواضيع ذات صلة