المطالبة بالمساواة في الإرث هي أثمن هدية يمكن أن يقدمها التقدميون
تعالت أصوات بعض التقدميين للتنديد برفض قيس سعيد و من قبله عبير موسي تبني موضوع المطالبة بالمساواة في الإرث.
وإن كنت من ضمن المطالبين بالمساواة التامة بين الجنسين، وإن كنت أيضا من المستنكرين على قيس سعيد ربط هته المسألة بأحكام الشريعة والنصوص الدينية ونحن صلب دولة مدنية يحكمها قانون وضعي إلا أني أرى في المطالبة بالمساواة في الإرث في هذا الوضع وهذا الزمن حماقة كبرى تنم عن جهل سياسي مطبق من قبل من يسمون أنفسهم تقدميين لعدة إعتبارات.
أحببنا ام كرهنا فالسواد الأعظم من التونسيين إما متدينين أو محافظين ويرفضون مسألة المساواة لاعتبارات دينية أو حتى اجتماعية والخوض في مثل هته المسائل في الظرف الحالي هي هدية لا تقدر بثمن لحركة دينية تتقوض شعبيتها يوما بعد يوم وتعاني العزلة والمحاصرة وكره السواد الأعظم من التونسيين بسبب ما سببته لهم من كوارث اقتصادية واجتماعية.
لكن يبدو أن هؤلاء التقدميين لم يستبعوا الدرس بعد ويصرون في كل مرة على مد طوق النجاة لخصمهم بل ولم يفهموا أن من أصول العمل السياسي ترتيب الأولويات وان بعض القضايا وان كانت عادلة فهي لا تخدم القضية الأم وهي ابعاد شبح أخونة المجتمع من طرف حركة تريد التحكم في كل مفاصل الدولة ان هي كسبت المعركة الإنتخابية وذلك بضمها لأصوات المحافظين لفائدتها بسبب الصدام بين هؤلاء وبين التقدميين الذين يريدون فرض مسالة المساواة في الارث عليهم غصبا.
قيس وعبير ومن قبلهم الحبيب بورقيبة فهموا الملعوب وسحبوا البساط من تحت أقدام الظلاميين أما اليساريين ومن بعدهم حزب التيار الديمقراطي فقد دفعوا ثمن حماقتهم غاليا.
ولهذا فقيس وعبير يتصدران اليوم المرتبة الأولى في سبر الآراء لانهما عرفا جيدا كيف يستدرجان المحافظين في صفهما.
لو كانت هناك مصلحة سياسية في المطالبة بالمساواة في الإرث لكانت حركة النهضة أول المطالبين بها وهي التي تبنت مطالب المثليين الجنسيين ودافعت عن أقوال منحطة ونابية تخدش الأخلاق والحياء أطلقها لطفي العبدلي في اطار ما سمته دفاعا عن حرية التعبير.
أفلم يقل شيخهم الغاية تبرر الوسيلة؟
فتحي الجموسي