المعادلة الصعبة: معضلة تمديد الحجر الصحّي من عدمه

المعادلة الصعبة: معضلة تمديد الحجر الصحّي من عدمه

14 افريل، 21:23

حارت جل دول العالم في حل معضلة الإختيار بين التمديد في الحجر الصحي الذي يقتضيه وقف إنتشار الوباء وبين إعادة الحياة الإقتصادية ورجوع المؤسسات إلى سالف نشاطها.
وحارت تونس أكثر فأكثر بسبب وضعها المالي والإقتصادي الكارثي وديونها المتراكمة بسبب العبث الذي تسببت فيه سياسات كل حكومات ما بعد الثورة وإنتشار الفساد والفقر و البطالة.
بادئ ذي بدء أعتقد أنه من الخطئ حسم هته المعادلة لصالح التمديد في الحجر الصحي أو لصالح إستئناف الدورة الإقتصادية وخصوصا في تونس لأن العلاقة بين إنتشار الوباء و مزيد إنتشار الفقر و البطالة هي علاقة جدلية فإن مددنا في هذا الحجر وخزائن دولتنا مفلسة أو تكاد فالأكيد أن ذلك سيكون على حساب أعباء جديدة تفقر الطبقة الوسطى و تفلس مؤسساتنا الإقتصادية العامة و الخاصة وتزيد من بؤس الفقراء وتلقي بعشرات الآلاف من العاملين و الموظفين وغيرهم في الشوارع وكل هذا سيكون سببا في إنتشار الفوضى العارمة التي قد تنتهي بأعمال شغب ونهب وسلب وايضا بتمرد محتوم على إحترام قرار الحجر وبالتالي إنتشار العدوى أكثر فأكثر.
أما إذا إستأنفنا نشاطنا الإقتصادي فالأكيد أن تونس ستفقد نهائيا السيطرة على هذا الوباء الذي قد يلقي بعشرات الآلاف من الجثث في الشوارع وتكون النتيجة بطبيعة الحال هي نفسها في الإفتراض الأول أي تمرد على الدولة و أعمال نهب وسلب إلخ…
إذا فإن الحديث عن وجوب إتباع سياسة هته الدولة الأوروبية أو تلك في مقاومة الوباء لا يستقيم طالما أن قوة هته الدول ومقدرتها على ضخ ما يلزم من أموال للحيلولة دون إفلاس المواطنين و المؤسسات ليست هي نفسها في تونس بل أن المقارنة غير جائزة بتاتا.
إذا ما العمل؟
أعتقد أن المطلوب من القيادة السياسية اليوم و أخص بالذكر رئيس الحكومة إيجاد خيوط المعادلة الصعبة (لكنها تبقى غير مستحيلة) بين المحافظة على الحجر الصحي بطريقة ذكية وبين إستئناف الحياة الإقتصادية بمعنى عليه أن يوفق بين هذين المتناقضين وكل ذلك ممكن عن طريق منهجية علمية تعتمد أساسا على:
أولا: تخصيص جل ما للدولة من موارد لفائدة الكشف الطبي عن المصابين بوباء الكورونا بحيث يجرى يوميا الآلاف منها حتى تتمكن من معرفة الأماكن والأشخاص المصابة به بهذا يمكنها التحكم في منع إنتشاره بفرض عزل إجباري عليهم.
فصرف الإعانات الإجتماعية النقدية لم يكن حل مجدي لأن العامل بحاجة للحفاظ على عمله أكثر من حاجته لهذا المبلغ الذي كان من الأجدر تخصيصه لتمويل الكشف الطبي المكثف.
ثانيا: تقسيم خارطة تونس إلى مناطق يمكن إستئناف النشاط فيها ومناطق يقع عزلها و توفير المؤونة لها ويمنع التنقل خارجها تماما مثل ما تفعله ألمانيا حاليا مع الحد أكثر ما يمكن من التنقل بين المدن.
ثالثا: إستئناف تدريجي للحياة الإقتصادية للمؤسسات أقل عرضة لنشر الوباء مع فرض رقابة مشددة على إحترام شروط الوقاية.
رابعا: إيجاد حل للنقل العمومي للأشخاص عن طريق آلية التسخير أو كراء للحافلات ووسائل النقل الخاصة مثل اللواج لنقل الركاب بدون إكتضاض و بطريقة صحية و آمنة.
خامسا: على رئيس الحكومة أن لا يتقيد بخرق النواب لأحكام الدستور ومحاولتهم تقييده و أن يستغل حقه المطلق واللامحدود في إصدار كل مرسوم ضروري لفرض أية قيود أو قرار ضروري على الأشخاص أو المؤسسات أو وسائل الإعلام أو غيرها لتنفيذ ما تمليه مصلحة تونس حتى ولو أدى الأمر إلى تعليق مؤقت للحريات و الحقوق لكوننا في زمن حرب.2

مواضيع ذات صلة