إنحدار الأمة عند هدم الأسرة وتقزيم دور الأم…سلوى بن  رحومة

إنحدار الأمة عند هدم الأسرة وتقزيم دور الأم…سلوى بن رحومة

5 ديسمبر، 14:30

تعيش الاسرة التونسية كغيرها من المجتمعات العربية تطورات مطردة منذ الاستقلال تجري بها كلها في مسار واحد هو مسار الالتحاق بالغرب . وهذا ليس بغريب على أمة نسيت ثقلها التاريخي و انهمكت في صدمة حضارية بالغة التاثير تقلد تقليدا اعمى كل ما سوق لها في مجال الاجتماعيات . حتى صرنا كلما كنا ابعد عن انفسنا كنا اكثر ثقة بالنفس واكثر شعورا بالارتقاء و النجاح . سنوات مرت كي نستطيع قلب موازين حياتنا . هذا الانقلاب تطلب منا لهاثا و جدية في البحث عن سبل الانسلاخ من امة عربية الى نسخة غربية .

وصلنا بفضل اعتقاد راسخ وجدية في تصميم طريق الوصول. وصلنا الى نقطة معها تتساوى يوميات امراة تونسية بالمراة الغربية . فنحن اكبر نسب في العالم في تمدرس المراة في الجامعة و نسب البحث العلمي للسيدات و ترسانة القوانين للمساوات و خرجت المراة للعمل و صارت تتقاسم معه كل المهن كالهندسة و الطب و قيادة الطائرات و البواخر .

صرنا فوق العادة وهذا مكننا من سعادة عارمة واستقلالية عززت شموخ المراة و صانت كرامتها . لكن لكل شيء ثمن . هذه المراة التي خرجت الى الشارع للدراسة و العمل وهي ام كانت في البداية لها والدة مؤمنة بالتضحية وفرحة لتغير مقام فتاتها وانها لاتشبهها في حياتها معتزة بهذا التغير حريصة على استكمال المسار فساهمت بما اوكل اليها وصارت هي الام الثانية و الأولى اذا تطلب الامر لاحفادها. فربت وعززت كل القيم و مررت كل العادات. لم تنس شيئا مما حقنت به وهي طفلة من والدتها و المجتمع الذي حضنها في صغرها .

لذلك لم يكن هناك فرق واضح بين الأجيال على مستوى بناء الشخصية او الميولات او التشبث بالقيم و المعتقدات و التصرف بما تقتضيه القيم و الدين و الاخلاق . اما بعد مرور عديد من الأجيال وصلنا الى حلقة صارت فيها الجدات أيضا عاملات. خرجت كل الأجيال الجديدة الى الشارع بفضل القيم الجديدة لذلك بحثنا لدى من علمنا الخروج ماهو البديل الذي يمكن اللجوء اليه في مثل هذه الحالات باعتبارها وصفة حياتهم لسنوات . وكانت الحلول في المحاضن و الروضات .
اخذناها على ظاهرها ولم نتعمق في كل الحيثيات فلم نمكن أطفالنا من جرعة حنان داخل البيت ولا في هذه المنشاة الجديدة . لم نمكنهم من معلم صارم و بيداغوجي بما تقتضيه تربية الأطفال من حيثيات بسيطة لكنها عميقة تجعلهم مرتاحين لما يعيشونه ولا يحسون بالغربة وهم مع عائلاتهم وفي مجتمعهم .

لكن هذه التفاصيل المهمة غابت عن المؤسسين فكان الظاهر مطابقا للمواصفات لكن تنشاة الأجيال اثبتت هذا الخلل . و من بعده عززته الانترنات و كل مجالات التواصل عن بعد. تلك التي عرفت كيف تسكن العقل عبر العين و تأخذ مكان المعلم الاب او الام في الاسرة .

كل هذه الحيثيات هدمت اسرة بعمق تقاليدها و إيجابيات كان لابد من التفكير فيها و طرح السؤال كيف نعوض اما مدرسة في البيت كيف نعوض هذا المعلم وهذه الركيزة الأساسية التي ساهمت في ابراز جودة عالية لاجيال من الصناعية و من الجراحين و الأطباء بجميع الاختصاصات العالمية. ومهندسين ومعلمين وأساتذة و قضاة و محاميين كلهم كانوا يتسلحون مع العلم بالاخلاق الحميدة و السمعة الطيبة و حب الوطن و الاخرين . عشنا لوقت طويل فيه الفساد حالات معزولة لم يستطع لسنين ان يكون غطاء الأغلبية في كل القطاعات . وكان حب الوطن من الايمان ولم يكن ليباع في مزاد او تحت الطاولات .
لم يفت الوقت بعد فبإمكاننا ايجاد عديد الحلول كان يمنح القانون نصف وقت لمن ترغب في ذلك من الأمهات بقطع النظر عن عدد الأطفال . كما يمكن ان نمنح رقابة وتكوينا اشمل للمؤسسات الحاضنة لابنائنا لانها تمثل الأمهات . وأيضا يمكن ان نعزز مكانة الام المتعلمة و الحاصلة على شهادة علمية و التي اختارت تربية أبنائها ونكف عن اتهامها بضياع الشهادة و ضياع المجهودات لان الامومة و قيادة الاسرة من موقع القيادة وهو البيت هام جدا مثل سياقة الطائرات .

مواضيع ذات صلة