بلاد العجايب و الغرايب …الازهر التونسي
لفت انتباهي خبر يتعلق بوزير المالية الذي ينهار باكيا في مجلس النواب عما آلت إليه الأوضاع المالية في البلاد التونسية و التي أصبحت على حافة الافلاس و قد كنت انتظر من الطبقة السياسية أو اهل الحل و العقد أن تتظافر جهودهم بحثا عن مخرج لهذا الوضع الذي أصبح يمثل تهديدا داهما لاستقلال القرار السياسي للبلاد و مؤشرا خطيرا لانفجار الوضع الاجماعي الذي تفاقمت أزمته أثناء جائحة الكورونا في خضم ذلك وفي قطيعة تامة عما آلت إليه الأوضاع تتصدر المشهد الاعلامي مجموعة من الأحداث تجعلني أطرح السؤال التالي هل يمكن أن تكون لنا حياة سياسية سليمة و راقية في ظل هذه الأزمة الاقتصادية و المالية و الاجتماعية وأخلاقية و هل دور الطبقة السياسية البحث عن الحلول أو النفخ على النار الملتهبة لتزيدها التهابا؟ و سأستعرض مجموعة من الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع و التي تقيم الدليل القاطع على القطيعة الحاصلة بين الواقع الذي تعيشه البلاد و الممارسة السياسية و السياسوية:
رئيس البرلماننا الموقر يسعى لاضعاف التحالف الحكومي الذي هو في الأصل هزيل وحزبه يمثل أحد مكوناته في مسعى إما لاسقاط الحكومة أو للحصول على مكاسب سياسية وهمية
برلماننا الموقر يخصص يوما كاملا للنقاش و المناكفات السياسية حول لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار عن ممارستها الاستعمارية في تونس و السؤال المطروح هل نضج الوضع السياسي في البلاد لتمرير هكذا لائحة ؟ أنا من الذين يطالبون فرنسا بالاعتذار و لكن ليس هكذا تدار الأمور فتمرير هذه الائحة في هذا الوقت عير المناسب خلف أضرارا جسيمة لسمعة البلاد.
رئيس بلدية يسعى لبعث إمارة يكون الدخول إليها و الخروج منها بإذنه حتى لو تعلق الأمر برئيس الجمهورية ثم يخرج علينا رئيس البلدية هذا و يقول أنه يتعرض لحملة تشويه ممنهجة لما لا يطرح على نفسه مجموعة من الأسئلة علها تبين له أن ما يقوم به لا يعدو أن يكون تهريجا و إثارة و لا يحاول أن يصبغ مواقفه و تصريحاته بصبغة الحكمة التي هو بعيد عنها كل البعد
رئيسة لجنة التشريع العام في حوار مع نائب تصف زميلتها بأقبح النعوت و تسعى مع هذا النائب لتلفيق تهمة لذه الزميلة و بعد نشر هذا الحوار عوض أن تعتذر تقول أول أن ما يقال حول زميلتها في دوائر المحامين أكثر عنفا مما قيل في المجلس و هذه سقطة ثانية فقد تعلمت طوال حياتي مبدأ وهو أن المجالس بالأمانات ثم تقبل الاعتذار فقط على وصف كلبة ثم يخرج علينا النائب المحترم و يبرر الفعل بأن زميلته معتادة على التصنت و التجسس هل بعد هذا السقوط المدوي سقوطا آخر
أفتح شبكة التواصل الاجتماعي لأقرأ خبرا مفاده محاولة جديدة لحرق قاطرة في قفصة قد يكون الخبر صحيحا و قد يكون خاطئا و لكن هذا يدل على ما وصلت إليه الأمور عند البعض ممن لا يؤمنون بالوطن و لا بالحياة الجماعية و المصير المشترك
البلاد أمانة بين أيدنا أرجو أن نسلما للأجيال القادمة في وضع أفضل مما هي عليه اليوم لكن لن يكون ذلك ممكنا مع هذه الطبقة السياسية التي تفقد لرؤية مستقبلية للبلاد و بالتالي هي قادرة فقط على تأبيد الأزمة و على المناكفة السياسية .حلمكم على هذه البلاد التي لم تعد تتحمل أكثر