بيــــــان بمناسبة اضراب بعض مؤسسات القطاع الخاص بجهة صفاقس
17 نوفمبر، 17:10
تعبّر المعارضة النقابية بجهة صفاقس عن دعمها المبدئي الكامل لنضالات عمال القطاع الخاص، وتثمن صمودهم في مواجهة هشاشة ظروفهم المادّية والاجتماعية وهما دعم وتضامن ينبعان من قناعتها الراسخة بأنّ النضال هو الطريق الوحيد لافتكاك الحقوق والحفاظ على كرامة العمال. ذلك النضال العمّالي الذّي لا يمكن اختزاله بأيّة حال من الأحوال في احتجاج عابر أو خطوة شكلية ضمن جدول أعمال بيروقراطي، بل هو مسار مستمر ومخطط له.
وبالرّغم ما يشوب هذا الاضراب من ضبابيّة وانتقائيّة ومحلّية فإنّ دعمنا له لا يمنعنا من الوقوف تجاهه موقفا نقديا مسؤولا، من خلال قراءة خلفياته وتحليل دوافعه الحقيقية بعيدًا عن الشعارات الجاهزة التي تسوّقها البيروقراطية النقابية:
- إنّ هذا الإضراب لم ينبثق من إرادة قواعد القطاع الخاص، بل كان قرارًا فوقيًا بيروقراطيا. اذ لم يكن افرازا لنقاشات قاعدية ديمقراطيّة، بقدر ما ترجم رغبة تلك القيادات في التموقع من جديد صلب المشهد النقابي الوطني، بعد سنوات من المهادنة والصمت، بحثًا عن النفوذ والمكاسب، وليس دفاعًا عن حقوق العمال
- ان طبيعة الإضراب نفسه يكتنفها الغموض إذ شمل عددًا محدودًا من الشركات (68 شركة فقط)، مع استثناء عدد كبير من المؤسسات، مما يثير تساؤلات مشروعة حول المعايير التي اعتمدت لتحديد المؤسسات المستهدفة وحول طبيعة العلاقات بين القيادات النقابية الجهوية وبعض الأعراف.
- هذا الاضراب لا يعكس قوة تنظيمية أو تكريسا لخطّة نضالية استراتيجية، بل يكرّس منطق استهلاك طاقة العمال دون أن يفتح أمامهم أفقًا حقيقيًا لاسترجاع حقوقهم من جهة ويكشف زيف الانشغال بهموم العمال وممثليهم عند البيروقراطية الجهوية من جهة أخرى. تلك البيروقراطية الانقلابية التي ما فتئت تصفي كل نفس نقابي مختلف في القطاع الخاص وغيره من القطاعات وتنصّب هياكل موالية.
- وللتّذكير، فقد أقدمت تلك البيروقراطية منذ يومين فقط على منع الأخ رضا بازين من مواكبة أشغال أحد التّظاهرات النقابية التّي انتظمت بمقر الإتحاد المحلي للشغل بقرقنة، فهل ينتظر من قيادة بهذا الضيق في الأفق وبهذا الحقد على النقابيين التاريخيين أن تقود معركة إقرار حقوق عمال كانت ضالعة في تهميشها لسنوات، حين حرم عمال القطاع الخاص من الزيادات العام الأخير ولم تخضع الاتفاقيات القطاعية المشتركة للمراجعة والتفاوض في الجوانب الترتيبية منذ عام ثمانية وألفين؟ وهل ينتظر ممن يصحر الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس من خيرة مناضليه أن يراكم الفعل النضالي دفاعا عن الشغيلة؟
- انّ هكذا اضراب محلّي يهمّ في حقيقة الأمر عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص يؤكّد الهاجس القائل برغبة البيروقراطية الجهوية في فصل صفاقس عن الإتحاد العام التونسي للشغل واقعيّا وعمليّا بعد سلسلة الإجراءات التي اتّخذتها في مناسبات سابقة يهم بعضها المالية والبعض الآخر يهم انضباطها للنّظام الدّاخلي الذّي أقرّه الانقلابيون أنفسهم عبر تحريك ملفات تهم كامل القطر في جزء من جهة. وهل تمضي تلك البيروقراطية إلى تنفيذ ما لوحت به في صراع شقوق البيروقراطية لتنشىء ” اتحاد نقابات ربع الجنوب ” لنعود إلى ما قبل توحيد الحركة العمالية بل إلى تاريخ النقابات الخمس أو أبعد من ذلك؟
انّنا في المعارضة النقابيّة بجهة صفاقس نعتقد اعتقادا جازما أنّ البيروقراطية الجهوية مواصلة السير في نهج الاستثمار الرّخيص في نضالات العمال وفق أجندة أصبحت معلومة من الجميع، وتوظّف نضالاتهم في صراعات داخلية بين لوبيات الفساد النقابي.
لذلك، فإنّ المسؤولية التّاريخيّة ملقاة اليوم وغدا على عاتق الشّغّيلة للارتقاء بوعيها وتبيّن أعدائها من أصدقائها حتّى لا تتحوّل نضالاتها المشروعة الى وقود في معارك تتجاوز الزيادة في الأجر الى أبعاد أخطر وأعمق، وأن يتنبهوا الى من يسعى جاهدا إلى جرّهم للانخراط في جبهات لا علاقة لها بمطالبهم وواقعهم. ذلك أنّ المعارك الكبرى لا تُخاض بقرار من قيادة فاسدة ووفق أجندتها، بل وفق رؤية الطّبقة العاملة التي تتبيّن في مجرى نضالها الوطني من اللاّوطني ومن يعمل وفق أجندات وطنية وتقدّميّة ومن يعمل وفق أجندات مشبوهة.
انه لمن أوكد الواجبات النضاليّة في هذه الحقبة التاريخية الحرجة والدّقيقة التي يمر بها الاتّحاد العام التونسي للشغل والحركة النقابيّة الوعي بخطورة الأزمة التّي أودت فيها البيروقراطية النقابية الانقلابيّة التّصفويّة منظّمة الشّغّيلة وضرورة النّضال من أجل استعادتها من مختطفيها مستقلّة ديمقراطية مناضلة وفق برنامج نضالي وطني وعلى أساس تشريعات تنظيمية تقطع مع المركزية والفوقيّة وتدعّم الشفافية والعدالة والانصاف بين مختلف مؤسسات المنظّمة وهياكلها وتفتح ملفّ المحاسبة الدّاخليّة للمنقلبين على الفصل العشرين و كل من تورّط في ذلك الانقلاب باعتبارهم المسؤولون الرّئيسيّون على حالة الوهن والشّلل والاستبعاد من المفاوضات الجماعيّة سواء في القطاع الخاص أو القطاع في كلّ ما يتعلّق بالأجور أو بالخيارات الاقتصادية والاجتماعيّة.
النّضال مستمرّ من أجل تحرير الاتّحاد العام التّونسي للشّغل
من الطّغمة البيروقراطيّة الانقلابيّة التّصفويّة
عاشت نضالات الشّغّيلة






