
بين أنين الجوع ورصاص الصمت: عندما يُقتل الإعلام في غزة ليُدفن الحقيقة….اشرف المذيوب
في قلب الأرض التي لا تهدأ، غزة، يُكتب يوميًا فصل جديد من مأساة إنسانية لا تُحصى ولا تُوصف. هناك، حيث تحترق الأرض وتذرف السماء دموعها، يُمنع الناس من أبسط حقوقهم: الهواء، الماء، الطعام، والحياة. لكن المعاناة لا تقتصر على الجوع والدمار فقط، بل تمتد لتصل إلى من يحملون الحقيقة؛ الصحفيون الذين باتوا أهدافًا تُقصد بها إسكات الصرخات ودفن الحقيقة تحت ركام الصمت القاتل.
إنكار الجوع: جريمة مشتركة في إسكات الحقيقة
كيف لرئيس حكومة أن ينكر وجود الجوع الذي يلتهم أرواح الأطفال في غزة؟ كيف يصف الإعلام بالكذب حين يروي قصص أمهات يصرخن بوجع فقدان فلذات أكبادهن؟ إنكار هذا الواقع ليس مجرد كلمات، بل هو سلاح بارد يستخدم لتبرير الحصار وإخفاء وجه القسوة التي لا تُرى إلا في عيون الجوعى والمُنهَكين. إنكار الجوع خيانة للضمير الإنساني ووصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء.
نتنياهو: نفي الجوع واستهداف الناقلين للحقيقة
في لحظة تكشف حجم الظلم، يتجرأ رئيس الحكومة على نفي وجود الجوع في غزة، واصفًا الإعلام بالكذب والتضليل، بينما في الوقت ذاته يُوجه رصاصه صوب من ينقلون صوت الجوع والمعاناة: الصحفيون. هذه المفارقة تفضح الوجه الحقيقي للاحتلال؛ إذ لا يكفي إنكار المأساة، بل يلجأ إلى القتل الممنهج لكل من يحاول كشف الحقيقة.
عندما يُقتل الصحفي، لا تموت فقط حياة إنسان يحمل الكاميرا أو القلم، بل يُقتل الحق في المعرفة ويُدفن صوت آلاف المحاصرين الذين ينتظرون أن يسمع العالم صرخاتهم. استهداف الإعلاميين هو محاولة لإعادة تشكيل الواقع، وخلق سردية مزيفة تخفي معاناة الملايين تحت غبار الدخان والرصاص.
استهداف الصحفيين: جريمة ضد ضمير الإنسانية
الصحفيون ليسوا مجرد ناقلين للأحداث، بل هم حاملون لشعلة الحقيقة وسط ظلام الحرب. استهداف خيمتهم واغتيال مراسليهم أمام الكاميرات، هو اعتداء ممنهج لإطفاء نور المعرفة وإسكات كل صوت يرفض أن يظل الصمت سيد الموقف.
وفق تقارير الأمم المتحدة، فقد استُشهد وما زال العديد من الإعلاميين في غزة نتيجة لاستهدافهم المباشر، مما يؤكد أن الاعتداءات ليست عشوائية، بل مخططة لتكميم الأفواه.
الكذب والرصاص: وجهان لعملة واحدة
عندما يكذب الإعلام الرسمي على الجمهور، يزرع بذور الكراهية والجهل، وعندما يُطلق النار على الصحفيين، يُعلن أن الكذب سياسة رسمية تُدافع عنها بالرصاص. العدوان على الإعلام هو استراتيجية لإعادة تشكيل الواقع وخلق سردية جديدة تخفي معاناة الملايين.
الإعلام كصرخة حية في وجه الظلام
مع كل محاولة للقضاء على الصحفيين، ينبثق صوت جديد، ويتجدد الأمل بأن الحقيقة لن تموت. الإعلام الحر هو الشعلة التي تحترق في يد من يسعون للعدالة، الضمير الحي الذي يرفض الصمت أمام الجوع والقمع.
هذا الصراع بين الحقيقة والكذب، الصوت والرصاص، اختبار لأخلاق العالم: هل سيقف إلى جانب الضحايا أم يظل صامتًا مكتفيًا بالمشاهدة؟
خاتمة: لنكن صوتًا للحق وسط زئير الحرب
في غزة، حيث تُقتل الكلمات قبل الناس، يظل الإعلاميون شهداء الحقيقة الذين يجب أن نتذكرهم ونحميهم. لأن مصيرهم هو مصير كل إنسان يطالب بالحرية والكرامة.
وحدها الحقيقة تُنير الطريق نحو السلام، وحين تُقتل الصحافة، تُقتل الإنسانية نفسها.