بين ذكاء الصقر وصبر الثعبان : تأمل في ميزان القوة بين إسرائيل وإيران…اشرف المذيوب

بين ذكاء الصقر وصبر الثعبان : تأمل في ميزان القوة بين إسرائيل وإيران…اشرف المذيوب

13 جوان، 22:00

في رقعة الشرق الأوسط المُلتهبة، يقف خصمان يتبادلان النظرات من وراء دخان المعارك وركام المدن: إسرائيل، بحدّة الصقر حين يضرب من علٍ، وإيران، بثقل الأفعى حين تزحف بلا صوت، وتنتظر ساعة الاحتضان القاتل. الصراع بينهما ليس مجرد تصادم عسكري، بل صراع رؤى، ووجود، ونَفَس طويل يُستنزف من جسد الشعوب.
🧠 إسرائيل: ضربة خاطفة تخفي ذُعر البقاء
إسرائيل كيان صغير في الجغرافيا، لكنه متخم بهاجس التفوق والرعب من الزوال.
يضرب لا لأنه مطمئن، بل لأنه يرى في كل ظل تهديدًا، وفي كل صمت قنبلة موقوتة.
لا يُجيد الانتظار، بل يُشعل الفتيل حيثما شكّ، لا حيثما تأكد.
جيشها، المدعوم تكنولوجيًا واستخباراتيًا من الغرب،
يتقن الضربة قبل أن يفكر في السؤال،
لكنه، في عمق عقيدته، لا يؤمن إلا بأن الوجود يُنتزع لا يُؤمَن.
القبة الحديدية ليست فقط نظامًا دفاعيًا،
بل صورة لعقليتها:
“اضرب أولًا، دافع لاحقًا، ولا تصدّق أحدًا.”
تتحرك كجراحٍ بارد المشاعر،
يُجري عمليته بدقّة مبرمجة،
لكن لا لينقذ، بل ليُبقي الجسد مُعلّقًا بين الحياة والموت،
يعيش لينزف، لا ليُشفى.
وحين يحلّق صقرها، يُخلّف في الأسفل رماد مدن،
وأشلاء شعبٍ لا يجد لنفسه مأوى في خرائط السياسة.
🐍 إيران: التمدد الصامت تحت جلد الجغرافيا
أما إيران، فصبرها ليس ضعفًا بل تكتيك طويل النفس.
لا تسعى إلى نصر سريع، بل إلى تآكل الخصم من داخله.
تتمدد لا بجيوش تقليدية، بل بشبكات عقائدية متشابكة: من بيروت إلى بغداد، ومن صنعاء إلى غزة.
قوتها ليست في الزئير، بل في الهمس المُسموم،
وفي قدرتها على زراعة الوقت كحقل ألغام:
تتركه ينمو، ثم تحصد الانفجار.
رهانها ليس على سلاح يلمع، بل على فكرة تشتعل في الأزقة،
على راية تُرفع في مظاهرة،
وعلى خصم يشيخ وهو يطارد أشباحها.
إيران لا تزأر، بل تهمس – والهمس عندها، خنجر في خاصرة من يستهين.
⚖️ من الأقوى؟ سؤال لا يُجيب عليه السلاح وحده
السؤال الحقيقي ليس: من يملك الطائرات الأذكى؟
بل: من يستطيع تحمّل النزيف أكثر؟
من يُقنع العالم أن استمراره ليس تهديدًا بل ضرورة؟
إسرائيل تملك الضربة السريعة،
لكنها تقف على حافة قلق وجودي مزمن،
تخاف من الغد، ولو امتلكت كل مفاتيح اليوم.
وإيران تملك شبكة النفوذ،
لكنها تنزف من الداخل،
بين حصار اقتصادي، وشعب مُتعب، وساحات معارك تُرهقها دون نصر حاسم.
🌍 وفي الختام…
إسرائيل تُشبه الصقر:
يُحلّق عاليًا، يضرب بدقة،
لكنه إن فشل، يهوي من الأعالي سقوطًا لا قيام بعده.
وإيران تُشبه الثعبان:
لا تظهر كل يوم،
لكن إن التفت حول عنق خصمها، اختنق دون أن يسمع أحد صوت الطلقة.
لكن الأهم من كليهما:
أن الشعوب في المنتصف،
تختنق بأنفاس الصراع، وتُسحق بين مخالب الصقور وأنفاس الأفاعي.
والسؤال الأعمق: هل ينتصر من يضرب أولًا؟
أم من ينتظر حتى تنهك الأرض وتفرغ الأرواح؟
أم أن كليهما، بثقله وأنيابه، سيسقط ذات يوم في الفخ ذاته،
بينما الأرض تُنبت الحداد، لا السلام،
والرماد يغطي كل العناوين؟

مواضيع ذات صلة