حديثُ الجمعة : فضائل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
قال بحر العلم اليماني، العلامة الصنعاني: “والأحاديث في فضل هذه الكلمات مجموعة ومتفرقة بحر لا تنزفه الدلاء، ولا ينقصه الإملاء”[4]، وقال – من قبله – شيخ الإسلام: “والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرة صحيحة”[5]، إلى آخر كلام العلماء المشهور المعروف في هذا.
ولعل السبب في هذا – والله أعلم – أن هذه الكلمات – كما ذكر بعض أهل العلم – جاءت جامعة لجميع معاني أنواع الذِّكر؛ من توحيد وتنزيه رب الأرض والسماء، وحاوية لصنوف أقسام الحمد والثناء، ومشيرة إلى جميع الأسماء، والله أعلم.
ومن المعلوم أنه لا يخفى على من يقف على ما ورد في فضلها – سواء ما ذكرناه هنا، أو ما فاتنا أن نذكره – أن مكانتها في الدِّين عظيمة، ومنزلتها في الإسلام رفيعة.
وقد ذكرت ما ذكرت منها هنا على سبيل الاختصار، مخرجة ومذيلة ببعض أقوال العلماء الكبار، ومبينًا معنى ما يحتاج من غريبها إلى بيان، والله – عز وجل – أسال أن ينفعني بها وجميع المسلمين، وأن يجعلنا – جميعًا – من القائلين لها، وبحقها قائمين، وأن ييسرها علينا، ويجعلها ذخرًا لنا إلى يوم الدين.
وأشرع فيما أردت ذكره فأقول: إن هؤلاء الكلماتِ:
أحب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مما طلعت عليه الشمس:
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحبُّ إليَّ[6] مما طلعت عليه الشمس))[7].
وهن أحب الكلام إلى الله – عز وجل -:
عن سمرة بن جندب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أحب الكلام[8] إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا يضرك بأيِّهن بدأت[9]، ولا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح؛ فإنك تقول: أثَمَّ هو؟ فلا يكون فيقول: لا، إنما هن أربع فلا تزيدن عليَّ))[10].
وهن أفضل الكلام[11]:
عن بعض أصحاب النبي – رضي الله عنهم – عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أفضل الكلام: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)) [12].
وعن سمرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي من القرآن[13]، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر))[14].
وهن أطيبُ الكلام:
عن سمرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا حدثتُكَ حديثًا فلا تزيدَنَّ عليَّ، وقال: أربعٌ من أطيب الكلام، وهن من القرآن، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم قال: لا تسمِّين غلامك أفلحَ، ولا نجيحًا، ولا رباحًا، ولا يسارًا؛ فإنك تقول: أثم هو؟ فلا يكون، فيقول: لا))[15].
وهن اللاتي تتساقط بهن ذنوب العبد:
عن أنس – رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مرَّ بشجرة يابسة الورق، فضربها بعصاه فتناثر الورق، فقال: ((إن الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر لَتُساقِطُ من ذنوب العبد، كما تساقَطَ ورقُ هذه الشجرة))[16].
وهن يغفرن الذنوب ويحطُطْن الخطايا:
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قال حين يأوي[17] إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر – غُفِرت له ذنوبُه أو خطاياه وإن كانت مثل زَبَدِ[18] البحر))[19].
وهن الكلمات التي اصطفاها الله – عز وجل – من الكلام:
عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – وأبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الله اصطفى[20] من الكلام أربعًا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كتب له عشرون حسنة، وحط عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين من قِبَل نفسه كتب له بها ثلاثون حسنة، أو حط عنه ثلاثون سيئة))[21].
وهن خير الغِراس:
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر به وهو يغرس غرسًا، فقال: ((يا أبا هريرة، ما الذي تغرس[22]؟))، قلت: غراسًا لي، قال: ((ألا أدلك على غِراسٍ خيرٍ لك من هذا؟)) قال: بلى يا رسول الله، قال: ((قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، يُغرَس لك بكل واحدةٍ شجرةٌ في الجنة))[23].
وهن المنجيات والمقدمات والباقيات الصالحات:
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((خذوا جُنَّتكم))، قلنا: يا رسول الله، من عدوٍّ قد حضر؟ قال: ((لا، جُنَّتكم من النار، قولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر؛ فإنها يأتين يوم القيامة منجيات ومقدَّمات، وهن الباقيات الصالحات[24]))[25].
وهن غراس الجنة:
عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((لقيتُ إبراهيم ليلة أسري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمَّتَك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعانٌ، غِراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر))[26].
وبهن يستجاب الدعاء وتقبل الصلاة:
عن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((من تعارَّ من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى، قُبلت صلاته))[27].
وهن من أبواب الصدقة:
عن أبي ذر – رضي الله عنه – مرفوعًا[28]: ((على كل نفس في كل يوم طلَعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه))، قلت: يا رسول الله، من أين أتصدق وليس لنا أموال؟ قال: ((لأن من أبواب الصدقة: التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله …))[29]؛ الحديث.
وهن الثقيلات في الميزان:
عن أبي سلمى – رضي الله عنه – راعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((بخ بخ – وأشار بيده لخمس – ما أثقلهن في الميزان: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، والولد الصالح يتوفَّى للمرء المسلم فيحتسبه))[30].
وهن يعدِلْن الإنفاق والجهاد والقيام[31]:
عن عبدالله – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله قسم بينكم أخلاقكم، كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي الدنيا من يحب، ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا مَن أحبَّ، فمن ضن بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده، فليُكثِر من قول: سبحان الله [والحمد لله] ولا إله إلا الله والله أكبر))[32].
وهن يمنحنك – عن كل واحدة – حين تقولهن شجرة في الجنة:
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، غرَس الله بكل واحدة منهن شجرة في الجنة))[33].
وهن خير الكلام:
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((خير الكلام أربع، لا تبالي [وفي رواية ابن حبان: لا يضرك بأيهن] بأيتهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر))[34].
وهن وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن كبِرَت سِنُّه ورقَّ عظمُه:
عن أم هانئ – رضي الله عنها – قالت: مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فقلت: يا رسول الله، قد كبِرَتْ سني وضعفت – أو كما قالت – فمُرْني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال: ((سبِّحي الله مائة تسبيحة؛ فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمَدي الله مائة تحميدة؛ فإنها تعدل لك مائة فرس مسرَجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبِّري الله مائة تكبيرة؛ فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلَّدة متقبَّلة، وهلِّلي الله مائة تهليلة – قال أبو خلف: أحسبه قال -: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت))[35].
وهن وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله أن يعلمه كلامًا يقوله:
وعن مصعب بن سعد، عن أبيه – رضي الله عنه – قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: علِّمني كلامًا أقوله، قال: ((قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم))، قال: فهؤلاء لربى، فما لي؟ قال: قل: ((اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني))[36].
وهن من الباقيات الصالحات[37]:
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر من الباقيات الصالحات))[38].
وهن يذكِّرن بصاحبهن:
وعن النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن مما تذكرون من جلال الله: التسبيح والتهليل والتحميد، ينعطفن حول العرش، لهن دوي كدوي النحل، تُذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له – أو لا يزال له – من يذكِّر به))[39].
وهن ما يُقرَأ به – في الصلاة – بدلاً عن الفاتحة لمن لا يحفظها:
عن عبدالله بن أبي أوفى – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا؛ فعلمني ما يجزيني منه؟ قال: ((قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله))، قال: يا رسول الله، هذا لله – عز وجل – فما لي؟ قال: ((قل: اللهم ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني))، فلما قام قال هكذا بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أما هذا فقد ملأ يده من الخير))[40].
وهن الخير بل الخير كله:
عن أنس – رضي الله عنه – قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، علمني خيرًا، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده فقال: ((قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر))، قال: فعقد الأعرابي على يده، ومضى فتفكر ثم رجع، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((تفكر البائس))، فجاء فقال: يا رسول الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، هذا لله فما لي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا أعرابي، إذا قلت: سبحان الله قال الله: صدقت، وإذا قلت: الحمد لله قال الله: صدقت، وإذا قلت: لا إله إلا الله قال الله: صدقت، وإذا قلت: الله أكبر، قال الله: صدقت، وإذا قلت: اللهم اغفر لي قال الله: قد فعلت، وإذا قلت: اللهم ارحمني، قال الله: فعلت، وإذا قلت: اللهم ارزقني، قال الله: قد فعلت))، قال: فعقد الأعرابيُّ على سبع في يده، ثم ولى[41].