خبر من فلسطين: تصعيد في شمال غزة وجباليا تستغيث…..لبنى حمودة
عام مضى والقصف في غزة لم يتوقف, عام مضى والمعابر لم تفتح , عام مضى والجراح هي الجراح والأمراض تفتك, عام مضى والمجتمع الدولي فعليا لم يتحرك, عام مضى والشعوب العربية في صمتها المطبق, عام مضى والترسانة العسكرية الإسرائيلية تزيد في وحشيتها وفي تطوير أساليب القتل الممنهج , بعد عام من الإبادة لم تكتف إسرائيل والمقاومة لم تستسلم, وها هو نيرون يعلن “قيامة” في شمال غزة, ولا غرابة فكلما أثخنت المقاومة في الجيش الإسرائيلي إلا وانفجر قتلا وحرقا وقنصا في نساء وأطفال غزة.
من السيوف الحديدية إلى القيامة ومخطط الجنرالات
في ذكرى مرور عام على الحرب في غزة,أعلن نتنياهو عن استبدال اسم السيوف الحديدية بالقيامة في محاولة منه للتأثير على توجهات الدول الغربية الداعمة له فحسب المفهوم التوراتي فكلمة القيامة لها دلالة على معركة هرمجدون وهي المعركة الفاصلة بين الخير والشر أو بين الله والشيطان وتكون على إثرها نهاية العالم كما تتفق اليهودية والمسيحية على هذه المعركة حيث جاء في الإنجيل أن “يسوع يعود إلى الأرض ويهزم الدجال الوحش والنبي الكاذب والشيطان في معركة هرمجدون”وهو بذلك يضمن الدعم الداخلي والدعم الغربي في معركة الإبادة لسكان الشمال وتحقيق خطة الجنرالات التي صاغها كبار ضباط الاحتياط الإسرائيلي بقيادة اللواء احتياط غيورا آيلاند وتهدف إلى ترحيل جميع سكان شمال غزة وتحويل المنطقة الواقعة شمالي محور نتساريم الذي يفصل جنوب القطاع عن شماله إلى منطقة عسكرية مغلقة ومنذ 6 أكتوبر طلب الاحتلال من سكان الشمال بإخلاء منازلهم معلنا بدء عملية عسكرية في بلدة ومخيم جباليا مدعيا كعادته أن المقاومة استعادت قوتها بالشمال.
مخيم جباليا يحترق من جديد
منذ أربعة أيام وشمال غزة تحت الحصار القاتل إذ يتعرض سكان جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا للإبادة الجماعية تقول آية واحدة من شهود المجازر الإسرائيلية في شمال غزة:” عمليات النسف التي ينفذها جيش الاحتلال للمنازل والمباني المتبقية في مخيم جباليا الآن تشبه الزلزال تشعر أن قاعدة الأرض التي تقف عليها تنزاح ثم تعود إلى مكانها هذا شعور حقيقي يحدث مع كل انفجار يخلع الأجساد والقلوب, ويزكم الأنوف برائحته” وتتحدث الأخبار المتواترة عن إخلاء 6 مدارس للاجئين في مخيم جباليا تابعة للأونروا بسبب القصف المدفعي والاقتحامات الجيش الإسرائيلي وتعد هذه العملية الثالثة بمخيم جباليا و هو من أكبر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة وهي العملية العسكرية الأشرس فالترسانة العسكرية تقصف وتنسف وتعدم بوحشية لا مثيل لها وحتى النازحين لم يسلموا من القنص إما بالإطلاق الرصاص مباشرة أو عبر الطائرة المسيرة, وقد صرح فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا أن ما لا يقل عن 400 ألف شخص محاصرين في شمال غزة وأن عددا كبيرا من الفلسطينيين يرفضون الإخلاء لأنه لم يعد هناك مكان آمن في غزة, وأضاف أن الجوع عاد إلى الانتشار في شمال القطاع, كما ذكر الدفاع المدني اليوم الأربعاء أن أكثر من 45 مدنيا استشهدوا خلال 24 ساعة الأخيرة وأن جثامين الشهداء ملقاة بشوارع مخيم جباليا وشمال القطاع, ولم تستطع فرق الإنقاذ الوصول إليها بفعل استهداف الاحتلال لكل ما يتحرك كما ذكر أن الاحتلال منع دخول المساعدات الإنسانية للشمال كما طلب الاحتلال إخلاء مستشفيات كمال عدوان والإندونيسي والعودة, دون توفير ممر آمن مما يجعل أمر الإخلاء مستحيلا خاصة وبعض المرضى إصاباتهم خطيرة ونقلهم لن يتم إلا بسيارات الإسعاف هذا وقد قصف محيط مستشفى اليمن السعيد في مخيم جباليا مما أسفر عن استشهاد 5 من المدنيين وعشرات الجرحى,ويعد هذا الاجتياح العسكري البري الثالث لجباليا, وهو الأكثر وحشية ودمارا, لكأنه ضرب من الجنون, جنون القتل والإبادة,و”ادعاء الجنون” عقيدة عند إسرائيل وهي سياسة ابتدعها الجنرال الإسرائيلي السابق ووزير الأمن موشيه ديان حين قال “يجب أن ينظر إلى إسرائيل على أنها كلب مسعور وأنها خطيرة للغاية بحيث لا يتجرأ أحد على إزعاجها”.
إن ما يحدث في جباليا إبادة جماعية مكتملة الأركان وهي الأبشع على مر التاريخ, لأن كل المجتمع الدولي مشارك في تلك الإبادة, كلنا بصمتنا شركاء في أبشع جريمة ولنا ألف يد فيما يحدث في غزة, لأننا التزمنا الصمت, وتسمرنا وراء شاشات الهواتف والحواسيب نتبادل الاتهامات الطائفية, ثم ندعو الله أن ينصر غزة ويحميها, لن يوقف هذه الحرب الهمجية لا دعمنا الإلكتروني ولا بعض الوقفات المناسباتية ولا الاحتجاجات الإسرائيلية الداخلية ولا جامعة الدول العربية ولا مجلس الأمن ولا محكمة العدل الدولية ولا المحكمة الجنائية الدولية, من بيده وقف الحرب هي الشعوب العربية التي لم تقل كلمتها بعد ولم تتحرك فعليا هي الوحيدة التي تستطيع أن توقف آلة الدمار الوحشية ,تنقذ غزة المحاصرة الجريحة, وتهز عرش نيرون.
لبنى حمودة