
رجوع القدوة … امل في النصر…سلوى بن رحومة
حين مررت صدفة في الصباح الباكر من اعلى الحزام الجسري الذي يطوق حزام مدينة صفاقس شاهدت ما اسعد قلبي وانعش فؤادي مع نسمات الصباح . لقد كانت المدينة صامتة الا من بعض محركات السيارات وكانت الدكاكين و المنشات مقفلة الا بعض الحوانيت التي تحت القنطرة فلا نراها ولا نهتم لها لاننا قاصدين اماكن بعيدة نشرب قهوتنا خارج اسوارنا بسعادة كل يوم . لكن سعادة هذا الصباح كانت ملهمة بقصيدة بمقال باي شيء ولو صوتا ضاحكا في هذا الفضاء الواسع او هتافا منفردا يخرج معه ما تراكم من فرح بهجة وانتصار
لقد كانت اعلام فلسطين تلوح فوق المباني السكنية العالية و المطاعم الفخمة منها ماهو بالاضواء الملونة ومنها ما كان قماشا . ومساء عدت الى البيت من سفري اليومي من طريقي المعهود لاحظت ايضا ما اسر قلبي فرحا و بهجة . الوان علم فلسطين تشع من حبال ضوئية فوق مبنى مبيت ابن الجزار صفاقس . اي رسائل كانت تنشر بهذه الاعلام المرفرفة و البلورات المضيئة . هذا لم يكن من قبل رغم اننا لم نتغير فنحن نششانا على حب فلسطين و سنظل الا ان الجديد الان ان النظال لم يعد فقط لخاصة القوم من المثقفن و الملتزمين بقضايا العالم الانساني من يساريين بفروعهم. اليوم النظال شعبي واتساع رقعة القول صارت متاحة للجميع بل ان رقعة الفعل صارت متاحة . واجب الجهاد من اجل اعلاء كلمة لا اله الا الله محمد رسول الله في فلسطين تحررت بفضل ارادة عليا و هذا هو الفرق .
الفرق ان القدوة صارت من اعلى الهرم في طريقها الى اسفله . وفي رجوع القدة رجوع لموازين كثيرة سوف تحقق التوازن الاجتماعي و النفسي لدى المراهقين ولن يستطيع احد استدراجهم الى بؤر التوتر و الحروب المشبوهة لان القدوة موجودة والقوة موجودة و الكرامة محفوظة و الغد يبشر بالنصر و الطريق اليه ممكن .هذا كل ما يحتاجه مراهق شاب بصدد بناء شخصيته و التكيف مع مجتمعه .
هذه القدوة التي لازالت مهدورة في باقي حلقات المجتمع فالاب لم تعد له هيبته ولم يعد ملهما بل صار طوع بنان بنيه يقررون ما يمكن ان يسىء لمستقبلهم ومع ذلك لا سلطة للاب كما كانت ليغير مجرى الامور . و الاعلام لم يعد يكلف نفسه عناء التوجيه و التربية اكتفى بالاحتفال بانتصاراته في افتكاك نسب المشاهدة لبرامج مخلة بالدين و الاخلاق تجعل من القمامة قمة و من القمة حضيضا .
تغيرت اهدافنا ولم تتغير فقط وسائل الوصول اليها . تغيرت عقلية كبارنا ولم تتغير فقط اجيال الشباب . تغيرت عفوية اطفالنا فكيف لا نكون لبعضنا ذئاب .
تغيرنا ولم نجن من هذا التغير الا الويلات و الصعاب ولم نفكر في التراجع او التفكير بعمق لم صرنا هكذا واي سبيل للرجوع الى ماهو ايجابي في ثقافتنا وما الذي جعل اجيالا كانت مثالا للاخلاق و النجاح الذراسي و الثبات فاسسوا جيلا متفوقا سد شغور احتياجات البلاد سنوات الضنك و التعب سنوات الجمر التي تاسست فيها الدولة و كانت تحتاج لتاسيس اطارات تونسية تحقق معها استقلالا من نوع اخر لابد منه ليكتمل النصاب في تحقيق الاكتفاء الذاتي في الاطارات جميعها.
المعركة مازالت مستمرة بعد سنوات من التحري ليست فقط من اجل الاكتفاء الذاتي او تصدير الكفاءات وانما في الجودة الاخلاقية كما المهنية لهؤلاء الاطارات لاننه تبين لنا مع الوقت ومع ظهور تغيرات سلوكية في مجتمعنا ان اعداد جيل من الاطارات المهنية دون اعدادها الاخلاقي كمن بنى بيتا من القش .لا يمكن له ان يبني فوقها شيئا اخر .