شبح الإفلاس يهدّد مهنيّي الطاقة الشمسية الفوطوضوئية
اتفق العديد من أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة المختصة في تركيب تجهيزات الطاقة الشمسية الفوطوضوئية، على أنّ تقليص دعم صندوق الانتقال الطاقي الموجه، لمؤسسات القطاع، سيتسبب في عزوف المواطن على الاقبال عن هذه التجهيزات ومن ثمة تراجع نشاط الشركات التي بات شبح الإفلاس يهيمن على العديد منها فعليا.
وقد أعلنت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، يوم 26 مارس 2021، عن تقليص صندوق الانتقال الطاقي للدعم الموجه الى التجهيزات الفوطوضوئية ذات تركيز فعلي يتجاوز 5ر1 كيلوات، من 1200 دينار للكيلوات إلى 500 دينار للكيلوات فقط، ما اثار امتعاض الفاعلين في المجال، خشية أن ينعكس ذلك على نشاط حوالي 400 شركة تنشط في المجال وعلى مسار النهوض بالطاقات المتجددة في تونس خاصة منها نشاط الطاقة الشمسية الفوطوضوئية، وفق رئيس الغرفة النقابية للطاقات الفوطوضوئية، التابعة لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، علي الكنزاري.
ورأى الكنزاري، أنّ تقلص الدعم قد “يساهم في تحسين وتطوير هذا المجال” وانه توجد بدائل أخرى للنهوض بهذا المجال خلافا للعديد من أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة ومزودي تجهيزات الطاقة الشمسية الفوطوضوئية الذين يعتبرون ان تقليص الدعم “لن يؤدي الا كبح نسق تطور شركاتهم المتأثرة، بعد، بانعكاسات جائجة كوفيد – 19”.
وقال رئيس المجمع المهني للطاقات المتجددة في كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية، “كوناكت”، أحمد عبيد، موضحا الاشكال الذي وقع فيه جلّ مجهزّي الطاقة الشمسية الفوطوضوئية، إنّ هؤلاء عملوا منذ بداية السنة، وقاموا بتركيب أنظمة طاقة شمسية فوطوضوئية لفائدة الأسر، وتولوا دفع الدعم، في انتظار ان يتولى صندوق دعم الانتقال الطاقي، تعويض دفوعاتهم.
“لكن الوكالة الوطنية للتحكم للطاقة، نشرت العقود المبرمجة، منذ أيام، مع حصص مساعدات، لكامل السنة، وهي ضئيلة مقارنة بالمبالغ التي تم صرفها من قبل المجهزين. وعلى سبيل المثال، خصّص أحد المجهزين، ممن يتولون تركيب المعدات، اعتمادات بقيمة 150 مليون دينار خلال السداسي الاول، فقط للدعم، في حين ان الوكالة لم تمنحه سوى مبلغ بقيمة 15 الف دينار”، وفق عبيد وتابع بقوله، صاحب هذه الشركة المختصة في تركيب التجهيزات، يفكر جديا، في التفويت في تجهيزاته وإعلان افلاسه. “سابقا، حتى وان قام المهنيون بتركيب عدد اكبر من الأنظمة الخاصة بالطاقة الشمسية الفوطوضوئية، ممّا هو منصوص عليه في عقود البرامج، فانه يتم ابرام ملحق تعديلي مع الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة لتسوية المسالة، ليتلقوا بعدها باقي المبلغ، وهو ليس واقع الحال اليوم”.
اليوم “الوكالة تطلب، عدم قبول أي “عقد” لسنة 2020 دون محضر جلسة التسوية، وهو ما يفرض على أصحاب شركات تركيبة المعدات، الالتزام بعدم تجاوز الحصص المسموح به، في حين ان عقود البرامج لم تنشر سوى في جوان 2021، وهو تاريخ صرف فيه أصحاب الشركات المذكورة، آلاف الدنانير، وحتى الملايين، لتلبية طلبات سوق مزدهرة”.
وتحدث المسؤول ب”كوناكت”، في هذا الصدد، عن ارتفاع الطلب، لا سيما في صفوف الافراد، بسبب زيادة سعر الكهرباء. “لقد قمنا، خلال سنة 2020 بتركيب، أنظمة في قطاع السكن، بقدرة جملية تقارب 20 ميغاوات، وهو ما يمثل انتاجا سنويا في حدود 40 الف ميغاوات/ساعة”.
ووصف عبيد مسالة التقليص في الدعم، “بغير المشروعة”، من الناحية القانونية، باعتبار ان الإدارة تولت تنقيح الامر الحكومي عدد 983 المؤرخ في 26 جويلية 2017، الذي يحدد قواعد تنظيم وتسيير وكيفية تدخل صندوق الانتقال الطاقي، بمجرد مذكرة.
ورأى “انه يكفي رصد دعم لميزانية صندوق الانتقال الطاقي، بقيمة 65 مليون دينار، لتمكين المؤسسات الصغرى والمتوسطة من مواصلة العمل باطمئنان وفي كنف مناخ من الثقة مع الإدارة والمساهمة في دفع برنامج النهوض بالمباني التي تعتمد الطاقة الشمسية “بروسول إيلاك”.
وعاد عبيد ليذكّر “نشهد عجزا متناميا في الميزانية، يفوق 4 الاف دينار، حاليا، وهو ناجم أساسا، عن مصاريفنا في مجال الطاقة، مزيجنا الطاقي يتكون من 93 بالمائة من الغاز، في حين ان الطاقات المتجددة، لا تمثل سوى 4 بالمائة”…”نملك كل المزايا لجعل تونس قاعدة لإنتاج الطاقات المتجددة، ولا سيما الشمسية والفوطوضوئية”.
وشاطره الرأي صاحب مؤسسة مختصة في مجال الطاقة الشمسية الفوطوضوئية، معتبرا ان قرار التخفيض في الدعم سيفضي الى انهيار الطلب والى خسائر كبيرة للمهنيين، وعدد كبير منهم مهدّد، بعد، بالإفلاس.
“حرفاؤنا، ومنهم 70 بالمائة من الموظفين من الطبقة الوسطى، سيعزفون، حتما، عن اللجوء الى الطاقة الشمسة، لانهم سيكونون مجبرين على دفع الفارق، المبلغ المحذوف من الدعم، مسبقا، وهو امر يبدو مستبعدا، خاصة مع تآكل القدرة الشرائية”، وفق توضيحات المتحدث، الذي فضّل عدم الإفصاح عن هويته، خشية ردّة فعل من طرف الإدارة تعطل مشاريعه.
إجراءات تتعارض مع اهداف الطاقات المتجددة ويقول نفس المسؤول: ان جل الفاعلين في مجال الطاقات المتجددة يتفقون على ان موارد صندوق الانتقال الطاقي ما انفكت تتراجع، اذ ان المنحة المقدمة لشراء المعدات الفوطوضوئية كانت تغطي قبل الثورة، اي سنة 2011، قرابة 40 بالمائة من كلفة التركيب وذلك في اطار استراتيجية حقيقة تهدف الى دفع التوجه نحو الطاقات
النظيفة، مضيفا: “نعتقد اليوم ان الإجراءات التي تتخذها الإدارة تتعارض والأهداف المرسومة في مجال الطاقات المتجددة “.
وكشف احد مزودي المعدات والتجهيزات الفوطوضوئية عن توقف انشطته شركات تركيب الأجهزة في ظل وجود مشكلة أخرى تتعلق بالعدادات الضرورية لتشغيل المشاريع العاملة بالطاقة الشمسية.
واستنكر المزوّد وجود “سوق سوداء” لتجارة العدّادات، ووفق أقواله فان مردودية عمليات تركيب اللّاقطات الشمسية باتت اليوم اقل فاقل بفعل، خاصة، ارتفاع أسعار التجهيزات الضرورية في الخارج بنسبة 20 بالمائة خلال الأشهر الأخيرة مما أدى الى تقلص هامش الربح للشركات التي تقوم بتركيب هذه الأجهزة بأكثر من 60 بالمائة.
واكد مدير الطاقات المتجددة بالوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، نافع بكاري، من جانبه لـ”وات”، “انه تمت مراجعة المنحة بطلب من الغرفة النقابية للطاقات الفوطوضوئية، لافتا الى انها لم تراجع الا سنة 2017 في حين ان كلفة تركيب المعدات الفوطوضوئية تراجعت بنسبة 50 بالمائة و 60 بالمائة في العالم “.
واعتبر بكاري انه على خلاف تصريحات بعض الفاعلين في مجال تركيب المعدات الفوطوضوئية، فان هذا التخفيض سيمكن من دعم عدد اكبر من العائلات ودفع استفادتها من الطاقات النظيفة”.
وقال: “نحن نطمح الى ان نرى اللاقطات الفوطوضوئية في كل مكان على اسطح المنازل وإعطاء الفرصة للجميع للإنتاج الذاتي للكهرباء، بما يخفف الفاتورة الطاقية للعائلات وبالتالي حجم الدعم الذي تتحمله الدولة ويدعم الاستقلالية الطاقية على المستوى الوطني”.