شهادة للتاريخ بمناسبة الذكرى 20 لرحيل الزعيم بورقيبة

شهادة للتاريخ بمناسبة الذكرى 20 لرحيل الزعيم بورقيبة

7 افريل، 10:00

شهادة للتاريخ أريد أن أخط هذه الأسطر بمناسبة مرور عشرون سنة على رحيل الزعيم الحبيب بورقيبة اعترافا بالجميل لرجال تونس كان لهم الفضل الكبير في تغيير وجهة حياتي من أمي (illetré) لا يحسن الكتابة والقراءة إلى ما أنا فيه الآن وانا قادر على الأقل على كتابة هذه الأسطر. ثلاثة رجال كان لهم فضلا عظيما على حياتي كما قلت وعلى رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة الذي حقق حلم العديد من أهالي المناطق الريفية المنسية مثل منطقة المساعيد من معتمدية العلا. بورقيبة جعل من التعليم أولويات “الجهاد الأكبر”، كما كان يسميه، لرفع الجهل عن التونسيين أينما كانوا في مناطق الجمهورية، حيث بادر سنة 1959 بإقرار مدرسة ابتدائية بمنطقتنا اكتمل بناؤها سنة 1962 بقاعتين للدراسة ومحل سكنى للمعلمين وآخر لمدير المدرسة. وهي إلى اليوم منارة تخرج منها رجال تألقوا في جميع الميادين والتي شهدت فيما بعد عمليات توسعة متتالية. كانت سنة 1962 اول سنة فتحت مدرستنا ابوابها وكنت من الذين توجهوا يوم غرة اكتوبر (تاريخ العودة المدرسية في ذلك الوقت) صحبة والدي للتسجيل في السنة الأولى ابتدائي. لكن مع الأسف لم يسمح لي بذلك رغم أني في السابع من عمري. وكان السبب فتح المجال لمن يكبرني سنا من مواليد دون سنة 1953 لتمكينهم من مزاولة التعليم قبل فوات الأوان بما ان المدرسة تحتوي على قاعتين فقط ولا تكفي لقبول كافة أبناء المنطقة. في السنة الموالية أي في غرة أكتوبر 1963 كان القرار تمكين مواليد سنة 1954 دون سواهم وبالتالي لم أتمكن من مزاولة التعليم بصفتي من مواليد 1955. في تلك السنة وبإذن من رئيس الجمهورية الزعيم بورقيبة تقرر توسعة المدرسة بقاعتين جديدتين وكان الأمل أن أكون من بين التلاميذ خلال العودة المدرسية في اكتوبر 1964. لكن ومع الأسف لم تكتمل الأشغال ولم يقع قبول تلاميذ جدد سوى في السنة الدراسية الموالية اي في أكتوبر 1965 وكان عمري آنذاك بلغ العشرة سنوات. لكن ومع الأسف مرة أخرى لم يكن الحظ إلى جانبي بما أن منشورا صدر عن وزارة التربية مفاده أنه لا يتم قبول من بلغ العشرة سنوات في غرة اكتوبر 1965 بكافة المدارس بالجمهورية. في ذلك التاريخ انتهى حلم طفل مثلي للوصول إلى مقاعد الدراسة كغيري من اطفال منطقتنا. كانت الطامة الكبرى التي حلت بي وبوالداي بما ان حالتي النفسية كانت متأزمة للغاية. بعد شهرين كاملين وأنا أعيش حالة نفسية لا أحسد عليها، جاء والحمد لله دور رجلين انا مدين لهما إلى اليوم أولهما المرحوم سالم العريبي مدير المدرسة الابتدائية بالمساعيد الذي كنت تقريبا يوميا ازوره هو وشيخ المنطقة (العمدة) صحبة والدي لإقناعه بقبولي بأحد أقسام السنة الاولى بالمدرسة. كان في كل مرة يأكد ان الأقسام مكتظة للغاية باكثر من 60 تلميذ في كل قسم هذا بالإضافة إلى تفسير ما جاء بالمنشور الوزاري. في بداية شهر ديسمبر من سنة 1965 صادف أن زار مقر الولاية المرحوم محمود المسعدي وزير التربية القومية آنذاك صاحب مقولة “مدرسة وطنية في ربوة” وصاحب مبدأ تكافأ الفرص بين جميع ابناء الوطن وحقهم في التعليم المجاني. السيد الوزير دعا كافة مديري المدارس الابتدائية بالولاية بمقر الولاية. وكان السيد سالم العريبي من بين الحاضرين الذي كان متعاطف ومقتنع شديد الاقتناع بوضعيتي لأن المسألة التي حرمتني من الدخول للمدرسة كانت بعض الاشهر. عرص السيد سالم العريبي الموضوع على السيد الوزير الذي سارع بقرار قبول من هم من مواليد سنة 1965 قبل نهاية السنة الدراسية أي مواليد ما قبل شهر جوان من تلك السنة. فكانت الفرحة الكبرى ودخلت المدرسة وانا ابلغ 10 سنوات من عمري وكنت من بين الاوائل طيلة حياتي الدراسية التي اكملت جميع مرتحلها بصفة مجانية سواء في المبيت او في الحصول على المنحة الجامعية سنويا بما أن التمتع بذلك كان يخضع اولا وأساسا إلى نجاحك في الدراسة. لذلك أنا مدين للزعيم المرحوم الحبيب بورقيبة والدكتور المرحوم محمود المسعدي والمرحوم “سي سالم” كما كان الجميع يسميه جعلهم الله في اعلى درجات الفردوس مع الانبياء والرسل.

حسونة الجمعاوي

مواضيع ذات صلة