صفاقس:أستاذ يرثي تلميذه الذي توفّي متأثّرا بمخلّفات حادث سير.
عندما حملك الصحب فوق الأكتاف مهلٌلين مكبٌرين و تعالت زغاريد الصبايا و النسوة كأنك تطلع علينا ببدلة العريس يوم زفافه تجسٌدت ثنائية الحياة و الموت في مشهد حزين…عندما يداهمنا الموت نهرع إلى رب العالمين نطلب رحمة و صبرا،
و عندما تأخذنا الحياة بزينتها نفرح طربا و نزغرد نشوة.
لم نشبع من حديثك يا فتى و لم نسأم من دعابتك و لم نرغب بعد عن خدمتك ، لكنا نراك تستعجل السفر إلى الهناك بعيدا عن أنظارنا .فلا حديث بعد اليوم نخوضه معك، و لا دعابة منك نطرد بها ثقل همومنا، و لا خدمة لنا كنت سبٌاقا في إسدائها ..
فبمَ نتعلٌل يا فتى؟
أتذكر يوم دعوتني لزيارة بيتكم لعرى صداقة ناشئة بعد أيام التتلمذ عندي تطلب توثيقها؟
ها قد لبٌيت الدعوة اليوم منكسرا .و لم ألقك في استقبالي ببشاشتك ، و ما وجدت ما يعدٌ المضيٌف لضيفه المبجٌل.رأيت الخيام منصوبة و الكراسي مصفوفة و المآقي دامعة و القلوب منفطرة لرحيلك الصادم على عجل.
أتذكر يوم هرعت إلي تطلب نصحا عندما بدأت تخطو خطاك الأولى في دروب الحياة و شعابها و مطبٌاتها.
أتذكر آخر جلسة لنا في المقهى ، عندما تحدثنا كصديقين ،
و خضنا في الحياة و شواغلها.و حدثتني عن أحلامك التي تسكنك ، و عن أهدافك التي تروم تحقيقها..كانت احلامك وردية تدفعك للإقبال على الحياة و إن أشاحت بوجهها
و أهدافك مرسومة بعناية .و كانت في عينيك مسحة قناعة بما حققت و في حديثك مدح لروحك المجاهدة في سبيل الحياة.
و حدثتني عن شغلك و عن تطوافك في البلاد ، في شطآنها
و صحرائها و غاباتها و آثارها.
و تحدثنا عن الجمعية التي تعشق و عن الجمعية التي أهوى
و حدثتني عن ولعك بالمدرٌجات و عن “الفايترز”.
تحدثنا و ضحكنا و لم يغب عنك أدبك الجم و الاحترام اللافت و أذكر إصرارك على نقد النادل ثمن ما استهلكنا
و افترقت بنا السبل و تواعدنا على اللقاء مجدٌدا…
اليوم التقينا يا فتى ..لكن اللقاء كان بائسا بشعا .لقاء دون وسامتك اللافتة و حديثك العذب و بسمتك الهادئة.
لك الجنان عند رب العالمين تسكنها و لنا الصبر الجميل ندعو الله ان يرزقنا…
وداعا وسيم.
الأستاذ: جوهر الحاج سعد