صفاقس الأولى في الباكالوريا يجب أن تبقى الأولى في الأخلاق..

صفاقس الأولى في الباكالوريا يجب أن تبقى الأولى في الأخلاق..

23 افريل، 19:00

لا يختلف اثنان حول حقيقة أنّ الصّفاقسية يدرسون بجدّ وينجحون وهم الأوائل في الباكالوريا منذ 50 سنة ويظلّون مرشّحين للبقاء دائما في عرش الصدارة العلمية… ولا يختلف اثنان حول أنّ الصّفاقسية “متربّين” ومتخلّقون.. ولكن الزمن بدّل أخلاق البعض… ولم تعد تلك القلوب النقية الصافية… فلا الصديق وقت الضيق ولا الجار قبل الدار ولا الأقربون أولى بالمعروف…

ربّما تغيّر العالم كلّه بفعل الحياة المادية الحديثة ولكن صدمتنا في صفاقس أكبر لأننا فعلا وإلى زمن غير بعيد كنّا أكثر استقامة وأحسن خلقا… لم يكن لدينا هذا التفكك الأسري وكان الأولاد والبنات مسؤولين وعلى أنفسهم معتمدين وبالقيم النبيلة متحلّين وعلى تكوين أسرة قادرين وفي المجتمع فاعلين.. واليوم نجد عنوسة وطلاقا وانتحارا ومخدّرات وعنفا.. بل لقد ضاع الستر الحلال وانتشر الزنا أمام كبت الشهوات والسخرية من سنّة الله في خلقه… لم تكن لدينا كل هذه الغلظة والأنانية واللامبالاة و”أنا وبعدي الطوفان” و”نفسي نفسي الله لا ترحم من مات”.. لم يكن لدينا كل هذا البغض والحسد والرغبة في محاربة أي ناجح وتعطيل أعماله التي تبغي الخير للآخرين وللمدينة… كل من يسعى للتقدم وتغيير الوضع “ياكل العصا”… لم يكن لدينا كل هذا التعصب والنفاق في الدين لأننا مع الأسف نحن أكثر من ساند حركة النهضة التي تنكّرت للوطن عامّة ولصفاقس خاصة…

نحن رقم واحد في عدد المساجد ولكن أين العمل الصالح بعد ذلك ؟… نحن ننافق حتى في فعل الخير ونعشق استعراض إنجازاتنا بصور فايسبوكية يتسابق حولها بعض المسؤولين والمواطنين من أجل التباهي بصدقة أو غرس شجرة أو دهن حائط وما شابه… بينما مدينتنا تحتاج ثورة بيئية كبيرة وتحتاج جهدا كثيرا من أجل العناية بشوارعها ومحيطها… الثقافة في صفاقس كما في تونس كلها بالمحاباة ودعم الكتب والإشهار لها وتقديمها يكون فقط للأحباب وبعضهم يستغلّ منصبا مرموقا من أجل الإشهار لعمله بينما نعطّل مشاريع تنويرية جدية ونسخر منها ونئدها في المهد… الثقافة ليست موسيقى تهريجية أو عروضا مسرحية أو سينمائية بغثّها وسمينها…

الجمعيات والنقابات والمجتمع المدني لا يعمل دائما لصالح المدينة بل للشهرة والاستعراض والعمل ليس دائما جديا وصادقا ونافعا بل هو تسجيل حضور… تراجعنا في الفلاحة والسياحة والصناعة والثقافة والاقتصاد وفي الأخلاق وبقينا نتبجّح بأننا أصحاب المرتبة الأولى في الباكالوريا دائما وهذا ليس كافيا ولا شافيا… فمتى تفتح البصائر وتتحرّك المشاعر وتستيقظ الضمائر ؟

سامي النيفر

مواضيع ذات صلة