صفاقس تعيش رعب أزيز الدراجات النارية في شهر رمضان
في غياب مدفع صفاقس وفي غياب بوطبيلة وفي ظل فقر ثقافي مدقع، وفي ظل صمت القصور ورتابة الحياة اليومية، اختار أصحاب الدراجات النارية أن ينشّطوا المدينة كل عشية وكل ليلة رمضانية بألحان شجية ممتعة سلام هي حتى مطلع الفجر.. فقبل المغرب تسبّح هذه الدراجات بحمد ربّها مصداقا لقوله تعالى : “وإن من شيء إلا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم” وراكبوها يحبّون السرعة والحركات البهلوانية والتجول في كل الطرقات بحرية ودون تكبيلهم بقواعد المرور الجدية ولسان حالهم يقول : “بسم الله مجراها ومرساها. سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين.. والحمد لله أننا لسنا واصلين وإلا لأوقفونا أو ردعونا كما يردع المنحرفون”. وكل من يشاهدها أو يسمعها يلهج بذكر الله قائلا حتى دون أن يشعر : “سبحان الله والله أكبر ولا إلاه إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله على كل الظروف”. وفي لحظات إعجاب خالدة يكرّرون : “اللهمّ صلّ على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه وعلى كل الأنبياء والمرسلين”… وكما يقول المرحوم سفيان الشعري لمنى نور الدين : “أنا عليّ بالسوقان وأنت عليك بالقرآن”… إنّ هذه الدراجات النارية آية من آيات الله في كونه وأصواتها ترتيل حكيم وألحان راقية تسعد المريض والشيخ والمتعب الذي يريد أن يرتاح من كدر الدنيا بعيدا عن الصخب والصغار والكبار الذين يطلبون الهدوء والسلام فيجدونه في هذه السمفونية التي “تبنّن” بهم وتشجّعهم على النوم أو تمنحهم الهدوء والسكينة تماما مثل سلامية أو ابتهالات دينية… لطالما نادينا البلدية بإقامة طواف صفاقس للدراجات النارية تقديرا لهذه المواهب الفذّة التي لوّنت حياة المدينة الكئيبة وويل للجادّين ثقيلي الظل الذين لا يفهمون حلاوة ضجيجها بل تسبيحها… واصلوا نشاطكم الثقافي الحلو وربّي ينصركم على الحاقدين الذين ينتقدون حركاتكم وأزيز محرّكاتكم فهم أغبياء لا يقدّرون عبقريّتكم وإبداعاتكم على مدار السنة وخاصة في رمضان والصيف.
سامي النيفر



