صفاقس : من يُنقذ التاكسي من التاكسيستية!؟

صفاقس : من يُنقذ التاكسي من التاكسيستية!؟

3 فيفري، 20:00

في اسبانيا، وفي عام من الأعوام لما أرادت الدولة الاهتمام بالقطاع السياحي، لمزيد دفعه، وتغييره إلى الأحسن، وهي البلاد المعروفة بازدهار سياحتها، قررت أولا وقبل كل شيء الاعتناء بالتاكسي وبالتاكسيستية، وذلك لسبب بسيط أنهما وجه المدينة، وما يقابل السائح اولا من المدينة. فعَلَت الدولة الاسبانية مَا فَعَلَت لِوَجْهِ السياحة، والزمت التاكسيستية باجراءات صارمة تنظم عملهم، وترفع من شأن التاكسي، فتَقَيَّدوا بها ولم يتأخروا في تطبيقها..

واليوم أَيْنَما سافرت تلاحظ أن للتاكسي مكانة مرموقة، وللتاكسيستي منزلة محترمة، لا يقل دوره عن دور سائق المترو، أو ساعي البريد، أو غيرهما من مقدمي الخدمات. لا يختلف الأمر لا في مدريد ولا في الرباط ولا في جاكرتا ولا حتى في العاصمة التونسية: الخدمة ممتازة، التاكسي على أحسن حال، وفوق ذلك لا تغادر البشاشة وجه التاكسيستي.

أما في صفاقس فأينما تولوا فثمة دابة صفراء تتحرك بأعجوبة بشوارعها. والمتطلع إليها لا يمكن له أن لا يحزن لحالها، فكأنها كبش خرج للتو منهزما بعد خوضه لمعركة طاحنة ضد كبش أقوى منه بكثير: مضروبة في جسدها، مُعوَرّة عَيْنُها اليسرى، ومكسورة الرُّكْبة…. كما أنها مصابة بجروح، البعض منها معصوب، والبعض الآخر لا يزال ينزف، وتدب بصعوبة لأن عظم عُرْقُوبها معْوَجّ…وبالمئات يبلغ عدد هذه الدواب بصفاقس، وتتشابه. كما يشبه كل راكب دابة الآخر. ولكن هذا الراكب ليس بفارس، لا يتمتع لا بحذاقة ولا بمهارة…كل ما يعرفه هو رَفْس بهيمته…

فهو حين يركب الدابة أو الدُوَيْبَّة قاصدا السوق، يتخيل له أنه يركب دبابة أو جرار، يختبئ في جوفها المُلطِّخ بالأغبِرة وغير المُرَتَّب، قبل أن يدفَعُها بشدَّة تجاه أهدافها، فتندفع لا تلوي على أحد…تجري تجري ولا تتوقف، كأنها صيد بُوقلادة… وإذا تباطأت يضرب جَنْبَها بِيدهِ لِيَحُثَّها على السَّيْرِ… أما إذا خارت قواها وتوقفت فجأة عن الركض، فلا ينزعج راكب الدابة ولا يتضايق… فهي بحاجة فقط إلى إطعام.. لا مشكل…الزاد متوفر، والزنبيل مملوء بما يلزم….وفي الحين يسرع أبو العجب إلى تغذيتها وهي باركة على قارعة الطريق… ويقوم بذلك بِغَيْرِ عناية…يوميا تركض دابتنا وكل دابة من نفس الفصيلة مسافات طويلة….تسابق وتفوز على سائر البهائم…وهي تبذل جهدا جاهدا دون ان تشتكي من ألم او حتى تتظاهر بمرض…هي فقط تصدر صوتا يشبه شحيج البغل، واحيانا كانها جملا يصدر بخبخة، فالدواب لا تتكلم…ومع ذلك لا يشفق عليها راكبها ولا يهتم لوضعها … اللهم عندما تنقطع انفاسها، أو تفيض… آنذاك يهملها أو يقطعها إِرْباً إِرْباً لبيعها، إذا لم يتسن جبَر عظامها المكسورَة.

فمن ينقذ التاكسي من التاكسيستية !

فتحي الهمامي

مواضيع ذات صلة