عبد الكريم قطاطة …بورقيبة هو الزعيم الوحيد الذي آمن بالدولة التونسية الحديثة وأرسى قواعدها.
في هذا العمر المتقدم من السنّ ومن القليل الذي تعلمته تعلّمت انّ الانسان اذا سجن عقله في كهف المنقول عن الاخرين دينا ودنيا فانّه لم يستفد من النعمة الكبرى التي وهبنا الله اياها وهي نعمة العقل الذي عليه ان يرى ويفسّر الاحداث والاشخاص دون تبخيس او تقديس …هذه الخاطرة اردتها كمدخل للحديث عن زعيم كثُر اللغط حوله بين مقدّس ومدنّس … انه الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله وغفر له اخطاءه ..لابدأ بتوصيفة الزعيم التي يرفضها البعض ويرى فيها نوعا من انواع الاستعباد ..
في تقديري لا معنى لمجموعة دون زعيم قد نختلف في استعمال التوصيفة بين زعيم ورائد وبطل ورئيس …لكن هي في حقيقة الامر تصبّ في نفس المعنى …لماذا قد يتساءل البعض ؟؟ لانّه حتى وان كنّا مع الفكر الجماعي فانه لابدّ من فرد تتوفر فيه خاصيات القيادة يكون المؤطّر اوّلا بفضل امّا خبرته او نباهته ..ثمّ حتما المسؤول رقم واحد في كلّ ما يحدث في المجموعة ..اليست السفينة في حاجة الى الريّس ليكون راعيها لبرّ الامان اي الزعيم ؟؟ واذا كثرت الريّاس تغرق السفينة … اليس المعهد في حاجة الى زعيم يدير شؤونه ؟ …طبعا يتشاور مع زملائه ولكنّ القرار عندما يصدر يكون بامضاء زعيم المعهد اي المدير ..اليس الفريق الرياضي في حاجة الى مدرّب يقوده بمعرفته لشؤون اللعبةكلّ امور الفريق ؟؟ اي الزعيم وفي اخر الموسم هو من سيحاسب على المسيرة ؟؟ هذا من جهة ..من جهة ثانية عندما تستمع الى رافضي فكرة الزعيم التي نشأت بضرورة الامور منذ العصور الغابرة تراهم يمجّدون عديد الزعماء عبر التاريخ …. صلاح الدين الايوبي .. وقبله عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز .. مانديلا وغاندي .. حديثا .. الم يكونوا هؤلاء زعماء ..؟؟.. آتي الان الى الزعيم الحبيب بورقيبة ..دعوني في البداية اقل انّ ايّ زعيم عبر التاريخ له خصوم واعداء كما له مهللون ومقدسون ..
ودعوني اذكّر ايضا بانّه لا زعيم في الدنيا كان معصوما من الاخطاء ..ودعوني اذكّر ثالثا انّي كنت في فترة ما من حياتي المهنية ضحية لاخطاء الحكم البورقيبي ..ولكن لانّي اخاف الله من الظلم الذي لا اريد ان اقترفه في حق الزعيم بورقيبة ارى لزاما عليّ ان ادلي بشهادتي نعم انا عاصرت زمن بورقيبة وزمن كلّ من جاء بعده من رؤساء ولست من ذلك الجيل الذي لم يعايش بورقيبة وشهادته منقولة فقط مما حكى عنه اما الخصوم المدنسون او الموالون المقدسون … بورقيبة مزاياه لا تُحصى ولا تُعدّ على تونس وانا عايشتها في التعليم والصحة وفي الحياة العامة رغم كلّ اخطائه … لكن بورقيبة هو الزعيم الوحيد الذي آمن بالدولة التونسية الحديثة …وارسى قواعدها .. وهذه مزيّة كبرى لمسنا ايجابياتها خاصة في جانفي 2011 وفي كلّ ما حدث بعده ..
نعم لولا هذا الانجاز البورقيبي لضاعت تونس في احداث جانفي 2011 ولولا هذا الانجاز البورقيبي لضاعت تونس في كل الاحداث التي شهدتها تونس في السنوات العجاف التي جاءت بعد 2011 …تونس عاشت ومازالت تعيش فترات متدهورة جدا سياسيا لكنها بقيت الدولة ثابتة …لذلك اقول وانا ادلي بشهادتي اليوم والله وحده من سيُحاسبني على شهادتي انّ كلّ من جاء بعد الزعيم بورقيبة من رؤساء لم يرتقوا يوما الى رتبة الزعيم بورقيبة واعيد القول رغم كلّ اخطائه لم يرتقوا اليه خاصة في عمق رؤيته لتونس كدولة … رحم الله الزعيم الحبيب بورقيبة واسال له المغفرة طبعا هذا الكلام حتما لن يعجب خصومه …وهذا منطقي ولكن فقط اذكّر في خاتمة هذه التدوينة بقول الرحمان _ والشهادة فلا تكتموها ومن يكتمها فانّه آثم قلبه ….