عبد الوهاب معطر حذار !!! لخبطة قانونية مقصودة بشأن الانتخابات الرئاسية.
1- وقع الترويج من طرف هيئة الانتخابات بأن هذه الانتخابات ستقع في موعدها.(اي أكتوبر 2024) استنادا منها على دستور 2014 لكن هذا الأخير وقع الغاؤه و أصبح قانونا في حكم المعدوم و من ثمة فان ما نص عليه من وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية في الشهرين الأخيرين لنهاية العهدة الرئاسية أصبح هو الاخر معدوما و لا عمل عليه. فضلا عن ان تحديد موعد الانتخابات و دعوة الناخبين لا يدخلان اصلا في اختصاص الهيئة المذكورة بما يجعل ما تروج له هكذا هيئة تزيدا لا طائل من ورائه و لا اساس قانوني يسنده فهكذا موضوع هو من الاختصاص الحصري للسلطة التأسيسية (الدستور) او للسلطة المؤسسة (البرلمان)
2- المتربع في قرطاج قال في افريل 2023 بالمنستير صراحة ” لن اسلم البلاد لمن لا وطنية لهم” وهو ما اعاده ضمنيا في 6 افريل 2024. كما صرح في عديد المناسبات بأن الانتخابات ستقع في موعدها لكنه – وهذا مهم – لم يحدد هذا الموعد بل و تعمد التهرب من سؤال صحفي حول هذا الموضوع في 6 افريل 2024.وهو ما يطرح غموضا شديدا في هذا الصدد كان بالإمكان رفعه مع اقتراب الموعد الوجوبي الذي حدده دستور 2014 قبل الغائه تعسفا.. و أحسب ان صاحب قرطاج قد مسح من ذهنه تماما دستور 2014 و لن يتقيد به في ضبط موعد الانتخابات الرئاسية.
3- مادام دستور 2014 وقع الغاؤه فان مسألة ضبط تاريخ الانتخابات لا يكون قانونيا الا متى وقع تحديده اما بالدستور الجديد لسنة 2022 او بقانون يصدر عن المجلس التشريعي الا ان دستور 2022 سكت تماما عن هذا الموضوع. و هذا السكوت لم يكن سهوا بل عمدا بدليل ان مشروع دستور الصادق بلعيد – الذي وضع في سلة المهملات – نص في الفصل 143 على * تجرى انتخابات رئاسية يوم ثالث احد من شهر افريل 2023 ” و احسب ان تعمد الغاء هكذا فصل 143 في دستور 2022 يعكس الرغبة في الاحتفاظ بهوامش التصرف الاحادي في هذا الأمر الهام. أضف إلى ذلك أن المجلس التشريعي الحالي ظل في سبات عميق اذ لم يقم إلى حد اليوم بوضع قانون انتخابي جديد أو تنقيح القديم بما يمكنه من تحديد موعد الانتخابات الرئاسية. و احسب ان هذا السكون كان متعمدا هو الاخر سيما ان دستور 2022 وضع شروط جديدة للترشح منها الجنسية و التزكيات دون تحديد عددها و شروطها مما كان يوجب التدخل التشريعي لهذا السبب على الاقل و تبعا لذلك نحسب ان شروط الترشح للانتخابات الرئاسية غدت غير محددة إلى حد اليوم بدلالة ان الأحكام الدستورية تحتاج عموما إلى تفصيل و تدقيق من طرف المشرع لتدخل حيز التنفيذ و قد اضاف دستور 2022 و أحدث تغييرات على شروط الترشح بما يستلزم تدخلا تشريعيا وهو ما لم يقع إلى حد الساعة و كاننا بمجلس النواب الحالي غير مهتم بالموضوع و ترك الامر لهيئة الانتخابات حال انها غير مختصة اصلا كما اسلفنا. علما أن احترام المعايير الدولية يقتضي عدم المساس بالقوانين الانتخابية خلال السنة التي ستجرى فيها الانتخابات وهو ما قد يقع التذرع به لتبرير هكذا تصرف مما يؤكد أن النية غير متجهة لإجراء انتخابات رئاسية في سنة 2024.
3- ينص دستور 2022 ان رئيس الجمهورية يؤدي اليمين الدستورية امام مجلس نواب الشعب و مجلس الأقاليم و الجهات. و اليمين الدستورية هي الأساس القانوني لمباشرة المهام الرئاسية إذ بدون ادائها تفقد ممارسة المهام شرعيتها.
و من اللافت على الرغم من ذلك أن المتربع في قرطاج قد ألغى دستور 2014 بما يلغي بالضرورة اداءه لليمين الدستورية لسنة 2019 و كان بالتالي من المفترض أن يدعو لانتخابات رئاسية مباشرة إثر وضعه لدستوره في 2022 او على الاقل – إعمالا للشكليات القانونية الدنيا – المبادرة بأداء اليمين الدستورية التي نص عليها دستوره لسنة 2022 خاصة انها تختلف عن نص اليمين المذكورة في دستور 2014 الا ان لا شيء من ذلك قد حدث فلا انتخابات رئاسية وقعت و لا أداء لليمين قد تمت بما يضفي على الممارسات السلطوية منذئذ و إلى اليوم خلل قانوني فاضح.
4-ان عهدة الرئيس هي 5 سنوات لا تجدد الا مرة واحدة وهو ما يعطي للمتربع في قرطاج فرصة تعمد عدم احتساب عهدته الأولى (2019-2024) بذريعة انها كانت بموجب دستور وقع الغاؤه و هو ما قد يغريه على اعتبار بداية احتساب عهدته الجديدة على قاعدة دستور 2022 هي تاريخ ادائه اليمين الدستورية امام مجلس النواب و مجلس الجهات و الأقاليم بعد اكتمال إقامتهما و هو ما سيكون بمباشرة مجلس الأقاليم عمله في أواخر افريل 2024. إذ اننا لا نستغرب منه أن يتعامل مع القانون بذات عقلية تعامله مع الفصل 80 و يتولى تبعا لذلك دعوة المجلسين في الأسابيع القادمة للانعقاد و يؤدي امامهما اليمين الدستورية لمدة خمس سنوات بدون إجراء انتخابات.
5- و على فرض وجود ضغوط تدفع لإجراء انتخابات في أكتوبر 2024 و فوز قيس سعيد بها فيظل سؤالا قائما وهو هل ان هذا الفوز يسنده عهدة أولى لا تمنعه من إعادة الترشح لعهدة ثانية حتى 2034 ام ان هذا الفوز يمثل عهدته الثانية و الأخيرة باحتساب 2019-2024 و بغلق باب التذرع بأن هذه العهدة كانت على قاعدة دستور ملغى ؟
أحسب ان هذا الامر له أهمية كبيرة و ربما كان الاحتمال الأول المفضي إلى ضمان عهدة ثالثة حمال تفسير لهذه اللخبطة المقصودة. و بذلك سينحو المسار إلى ما جربته البلاد في عهد بورقيبة و خصوصا في عهد بن علي في هذا المجال.
أ. عبد الوهاب معطر
6 افريل 2024