على قنواتنا التلفزية : سهرات السّبت شكوى ونواح وعراك وصياح
من منّا لا يذكر الزّمن الجميل ؟ زمن سهرات السّبت “المقدّسة” مع نجيب الخطّاب وحاتم بن عمارة ولطفي البحري.. من منّا لا يعلم أنّها كانت المنوّعة الأولى في تونس وفي الوطن العربي ؟ من منّا لا يعلم أنّ سهرة السّبت في عديد القنوات في العالم كانت تمثّل أهمّ برنامج وأهمّ موعد ويقدّمها ألمع المنشّطين مثل Michel Drucker أو Patrice Laffont في فرنسا..
فالأوّل كان ومازال ينشّط منوّعة فيها الفنّ والنكتة والضحك والكوميديا وشيء من الثقافة والمواضيع الخفيفة والثاني كان أوّل من نشّط لعبة Fort Boyard صيفا وهي مجموعة من المغامرات التي يشتبك فيها الواقع مع الخيال والحلم والإبهار كما في القصص العجيبة للأطفال وهذا البرنامج يشاهده الكبار قبل الصغار.. أمّا في تونس فقد كنّا نستمتع مع نجيب الخطّاب وغيره بفقرات خفيفة تزيل عنّا تعب الأسبوع وترفّه وتمتع وحتى لو ظهر فيها شيء من الخلل والميوعة كان يداويها الخطّاب بتقديمه الأنيق وأسلوبه الرّشيق فالكلمات طوع بنانه والكاريزم حاضر وكان الناس يشاهدون الحصّة من أجل المقدّم لا من أجل الضّيف..
فالجمهور متشوّق لهذه الحصة الأسبوعية حتى لو كان الضيف مغمورا أو غير جذّاب لأنّ الإعلامي اللامع ينشّطها ويحلّيها.. واليوم وفي عملية عكسية، أصبح المقدّم مشكلا في حدّ ذاته.. فالهادي زعيّم ونوفل الورتاني وعلاء الشّابّي من قبلهما صاروا يبحثون عن البوز والإثارة والقلاقل والاستفزازات والنقاشات الحادّة والصياح والمواضيع والأسرار الشخصية والأغاني الهابطة واللغة الركيكة والأسئلة البليدة والثرثرة دون فائدة تذكر.. وهم من حيث يدرون أو لا يدرون يميّعون الناس ويضيعون الأوقات ويخدّرون العقول ويشتّتون البال.. فما الفائدة التي ستحصل بعد مشاهدة أكثر من ساعتين من تهريجهم ؟ مزيدا من القلق والهمّ والنقاشات والخصومات..
والمشاهد المستهلك خاصة من اليافعين قد يقلّد ما يراه وربّما يعتبر من يراه في التلفاز مثله الأعلى.. نحن نعيش ضغوطات كثيرة ومشاكل كبيرة ولا حاجة لمزيد إثارتها وترسيخها في سهرة السبت كما لا نحتاج إلى ترفيه الهشتك البشتك على شاكلة الغناء والسكاتشات التي توتّر ولا تمتع.. ولا نحتاج إلى حشو الأدمغة بأفكار انحرافية.. وإن كنتم غير قادرين على الترفيه فبثّوا فلما مصريا كلاسيكيا قديما أو أغاني عبد الحليم أو مباراة في البال وما يصدّق طرحنا هو أنّ نسبة مشاهدة الوطنية 2 التي تجمّر البايت والقديم هي الأعلى.
سامي النيفر