فرجة ورأي في فيلم ” صاحبك راجل ” للمخرج قيس شقير

فرجة ورأي في فيلم ” صاحبك راجل ” للمخرج قيس شقير

9 جانفي، 14:30

شريط سينمائي كوميدي نجح في إضحاك كل من تابعه. فطرافة المواقف و براعة الممثلين في تجسيدها بما أوتوا من حرفية و حس فكاهي و حسن تقمص للأدوار جعلت المتفرج يضحك و يسعد بمتابعة أطوار الشخصيات الطريفة في كامل مراحل قصة الشريط، كما أن نسق الأحداث و المشاهد كان سريعا، فالحركة لا تتوقف إلا في مناسبات معدودة لتفسح المجال للحوار الوظيفي الذي يدفع بالأحداث نحو التأزم أو الانفراج.
و براعة السيناريو لا تقف عند حدود الإضحاك و شد الانتباه لمتابعة أطوار الحكاية أو القصة بل تظهر كذلك في المعالجة النقدية الذكية ما يعتري المؤسسة الأمنية من أخطاء مهنية نجح كتّاب السيناريو في عرضها دون الوقوع في التجريح و لا في التبرير، فكان الخطاب النقدي رصينا، إذ بيّن أن القطاع الأمني ككل القطاعات يوجد به من هو حريص على تطبيق القانون و احترام التراتيب و السعي إلى مقاومة الجريمة و المحافظة على الأمن و به من يضعف أمام إغراءات المال و يخضع لسلطان العلاقات الاجتماعية التي تربك أداءه لمهمته الحساسة. و قد مثل صوت النزاهة الضابط الذي جسد دوره ” ياسين بن قمرة ” ، و جسد دور الأمني المتعثر في تطبيق القانون و الالتزام بالتراتيب الفكاهي البارع ” كريم الغربي” ،
دون أن ننسى رئيس الإقليم الذي جسد دوره بإتقان فائق الممثل القدير ” صلاح مصدق” و هو يتأرجح بين القطبين، قطب الالتزام و قطب القصور عن الأداء الوظيفي الناجح إذ تورط في قضية أخلاقية.
جميل جدا أن نمارس حرية التعبير ممارسة واعية دون التورط في الثلب أو القذف أو التشويه غير المبرر و أن يتلقى المنقود ما يؤاخذ عليه برحابة صدر و لا ينتفض بدعوى الدفاع عن سمعة القطاع، هذه الفزاعة التي كممت الأفواه و حالت دون معالجة عيوب العديد من القطاعات.
إلا أن السيناريو رغم عناصر القوة الكامنة في المواقف المضحكة و الممارسة النقدية الذكية لا يخلو من نقائص أضعفت من قيمة الشريط الفنية. فحادثة انفجار اللغم و نجاة الضابط ثم اعتقاله من الارهابيين غير مقنعة و ادعاء عدم التعرف على الإرهابي الذي كان ضحية الانفجار و دفنه على أنه الضابط لا يمكن استيعابها و هروب الضابط بعد مضي ثلاث سنوات على اعتقاله دون أن تحاول الأطراف الإرهابية المساومة به لا تمر بسلام. فإن كان لا بد من تغييب شخصية الضابط و اعتباره من المفقودين إلى حين فتوجد ألف فكرة غير فكرة كتّاب السيناريو . كما أن أحداث السيرك بدت نوعا من التهريج المبتذل و غير المقنع و الساذج سذاجة الأسد الذي هاجم الضابط و عون الأمن.
إذا استثنينا هذه الثغرات في السيناريو- و هي ليست ثغرات هينة- فإن الشريط نجح نجاحا باهرا في إضحاكنا و أبعد عنا السأم و الملل و الأهم من كل ذلك أعطانا أملا في حرية التعبير المسؤولة.
فألف شكر للمخرج و كتاب السيناريو و الممثلين البارعين و أخص بالذكر منهم البارعين في الإضحاك ” كريم الغربي ” و ” سفيان الداهش” .

ت سالم المتهني ( تونس )

مواضيع ذات صلة