فرحات حشاد: أيقونة النضال التونسية
تحيي تونس اليوم السبت 4 ديسمبر 2021 الذكرى التاسعة والستين لإغتيال الزعيم الوطني والنقابي فرحات حشاد، ولم يكن حشاد مجرد اسم في تاريخ تونس والمنطقة عموما ، كان مناضلا بالغ التأثير ، فهو من أبرز رجالات الحركة الوطنية التونسية ورمزا من رموز النضال العمالي في العالم بأسره، على نحو جعل المستعمر الفرنسي يهابه، فلم يستطع حيال صعود نجمه شيئا ، سوى مد أيادي الغدر نحوه يوم 4 ديسمبر 1952.
نشأته :
ولد الزعيم النقابي فرحات حشاد في 2 فيفري 1914 بمنطقة العباسية في جزيرة قرقنة ، التابعة لولاية صفاقس. انتمى لعائلة فقيرة وكان والده يعمل صيادًا، التحق بالمدرسة وتحصل على الشهادة الإبتدائية، واضطرّ بعد وفاة والده إلى ترك المدرسة والعمل لدى إحدى شركات النقل البحري في مدينة سوسة. وقد كان حشّاد عصاميًا منذ نشأته إذ نجح في إكمال تكوينه المعرفي والثقافي والسياسي بالمطالعة والقراءة والعمل النقابي.
نشاطه النقابي :
بدأت مسيرة حشاد مع العمل النقابي في سن مبكرة إذ التحق عام 1936 بنقابة عملة النقل التابعة للكنفدرالية العامة للشغل الفرنسية وناضل صلبها ليتمكن عام 1937 من قيادة إضراب عمالي ناجح. نشاطه النقابي كلّفه عمله الذي اضطر أن يغادره عام 1939.
وعند انتقاله إلى صفاقس عام 1943، استأنف فرحات حشاد نشاطه النقابي ضمن اتحاد عمال صفاقس ليختلف في العام التالي مع الاتحاد الإقليمي الذي كان تابعًا للكنفدرالية العامة للشغل الفرنسية، الأمر الذي دفعه إلى مغادرة الاتحاد بمعيّة عدد من رفاقه وتكوين إتحاد النقابات المستقلة بالجنوب والتي دعت إلى المساواة بين العمال التونسيين ونظرائهم الفرنسيين في الحقوق المدنية والمساواة، قبل أن ينطلق في المطالبة بالاستقلال عن فرنسا.
وقام حشاد بتحركات عديدة على المستويين الوطني والدولي أسفرت عن تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أول منظمة نقابية في إفريقيا والعالم العربي، والذي تمّ الإعلان عنه يوم 20 جانفي 1946.
وبات لفرحات حشاد إثر ذلك شعبية عارمة في صفوف التونسيين وبشكل خاص العملة منهم، وقد انتخب أول أمين عام للاتحاد العام التونسي للشغل وهو يبلغ من العمر 30 سنة فقط. وقد كان لاتحاد الشغل بقيادة حشاد دور هام في توجيه تحركات الشعب التونسي والمطالب الشعبية. وبدأت وتيرة المظاهرات والاحتجاجات ترتفع مطالبة بالتحرير وتحسين مستوى الحياة والعمل للتونسيين.
نشاط فرحات حشاد أغضب المستعمر الفرنسي الذي بدأ يفكّر في طرق إزاحته. وبالتزامن مع ذلك، بدأ حشاد يتلقى تهديدات من قبل منظمة “اليد الحمراء” التي كانت تعمل مع الاستعمار الفرنسي والمخابرات الألمانية، وازدادت عمليات التخريب والتهديد ضدّ منزله وأسرته وارتفعت الأصوات المنادية بقتله.
وصباح الخامس من ديسمبر 1952 لحقت سيارة فرحات حشاد في الطريق من الضاحية التي كان يقطنها وأطلقوا عليه النار ولاذت السيارة بالفرار. وقد أصيب حشاد في ذراعه وكتفه فقط وتمكن من الخروج من السيارة لتظهر سيارة أخرى بعد ثوان وتطلق النار على رأسه لترديه قتيلًا، وقد هزّ خبر مقتله أنحاء مختلفة من العالم واجتاحت مظاهرات عديد المدن العربية والأوروبية.