فلم نادر من الزمن الجميل لم يأخذ حظّه… رابعة العدويّة

فلم نادر من الزمن الجميل لم يأخذ حظّه… رابعة العدويّة

22 افريل، 17:30

ارتبطت أيام عيدي الفطر والأضحى ورأس السنة الهجرية والمولد النبوي الشريف بأفلام دينية خالدة كانت تعاد كثيرا في الأزمان الماضية وبقيت تُعرض حاليا وإن بدرجة أقل وهي أعمال جيدة إجمالا على غرار : الرّسالة، فجر الإسلام، الشّيماء أخت الرّسول، هجرة الرّسول… وقد تجاوزنا ذلك كله إلى مسرحيات عادل إمام التي لها ما لها وعليها ما عليها مثل “مدرسة المشاغبين” و”الزعيم” و”الواد سيد شغال” ومسرحيات “العيال كبرت” وبعض أعمال أحمد بدير وسمير غانم وإسماعيل ياسين وغيرهم…

هذا ممكن رغم أننا نعيب التكرار المملّ لإنتاجات دون غيرها بينما هناك أعمال أخرى تستحق الذكر… ومن أبرزها على الإطلاق نجد فلم “رابعة العدويّة” الذي يروي قصة الزاهدة الروحانية رابعة العدوية التي كانت متشرّدة في العراق ثم وجدت نفسها قد بيعت جارية ترقص في قصر الملك خليل إلى أن شاهدها السيد عصام الدين وهو إنسان غني وحسن الخلق فأعجب بها ولكن الملك لم يسمح له بذلك وقتله… وفي الأثناء انطلقت رحلة الإيمان والروحانيات والزهد لدى رابعة العدوية وأصبحت تعبد الله الواحد وتناجيه كل ليلة فظنّ مولاها الظالم أنها تتكلّم مع حبيبها بالإضافة إلى وشايات من جاريات أخريات ممّا جعل الملك يحبسها ويعذّبها.. وكانت الزاهدة الصّوفيّة المتعبّدة تصلّي في زنزانتها وفوق رأسها يدور نور ساطع… وفي النهاية يندم سيّدها على تعذيبها وتصبح رابعة سيدة ناصحة وملهمة للآخرين في إيمانها وتقواها وكان الشيخ ثوبان قد تنبّأ لها بمستقبل روحاني جميل في أول الفلم رغم أنها لم تفهمه في البداية عندما كان ينصحها بترك حياة اللهو والعبث…

هذا الفلم الذي أنتج سنة 1963 شاهدناه صغارا مرّة أو مرّتين وبقي في الذاكرة لعمق معانيه وسموّها ولحسن الإخراج ولكنه لم يأخذ حظّه مثل الآخرين وحتى في الانترنت تسجيلاته نادرة جدا… هذا العمل يستحقّ أن يُعرض ويُثمّن وقد شارك في بطولته ألمع نجوم الفن على غرار نبيلة عبيد، عماد حمدي، فريد شوقي، حسين رياض،… وهو من قصة سنية قراعة، سيناريو وحوار عبد الفتّاح مصطفى، وإخراج نيازي مصطفى… وقد تميّز بلغة بدوية دارجة تميل إلى الفصحى وكان مشوّقا ومتقنا في مشاهده وحواراته ومليئا بالمعاني الصوفية النبيلة للدين الحنيف وفيه أغان روحانية راقية بصوت أم كلثوم على غرار “حانة الأقدار”، “عرفتُ الهوى”، ويختم بأغنية “الرضا والنور” في جبل تتعبّد فيه رابعة العدوية بلباسها الأبيض صحبة أتباعها الذين يبكون موتها في النهاية بعدما ألهمتهم كثيرا من الروحانيات في علاقتهم مع الله.
سامي النيفر

مواضيع ذات صلة