فوز زهران ممداني وإشارات التحوّل في المزاج السياسي الأمريكي…محمد خلف الله
فوز زهران ممداني في انتخابات نيويورك لا يمكن قراءته كحدث محلي معزول، بل كجزء من تحوّل أعمق في البنية السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة. ممداني، ابن المهاجرين ومن أبرز الأصوات التقدمية ذات الجذور غير الأوروبية، يجسّد انتقالاً بطيئاً ولكن متواصلاً في المزاج الأمريكي نحو إعادة تعريف معنى التمثيل السياسي والعدالة الاجتماعية.
هذا الفوز هو تعبير عن تآكل النموذج التقليدي للنخبة السياسية الأمريكية، وتقدّم جيل جديد يعبّر عن تنوّع المجتمع ويعيد طرح أسئلة القيم والمصالح. خلف هذا التحوّل، تنمو حركة سياسية واقتصادية وثقافية تدعو إلى العدالة العرقية، وتراجع هيمنة المال على القرار، ومساءلة السياسة الخارجية الأمريكية التي طالما كانت امتداداً لقوة المصالح لا لقيم الديمقراطية التي ترفعها شعاراً.
من منظور استراتيجي، يمكن اعتبار صعود شخصيات مثل ممداني مؤشراً على بدايات تصدّع داخلي ناعم قد يعيد تشكيل طريقة تفكير النخب الحاكمة في علاقتها بالعالم. فحين يتغيّر الداخل الأمريكي في تركيبته، وهويته، ووعيه الطبقي فإن انعكاس ذلك على السياسة الخارجية يصبح مسألة وقت، لا خياراً.
قد لا يكون فوز ممداني وحده كافياً لإعلان زمن التغيّرات الكبرى، لكنه بالتأكيد أحد أصوات الجرس الأولى التي تُنذر بأن أمريكا ما بعد العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين لن تشبه أمريكا التي عرفها العالم لعقود.
**محمد خلف الله **






