في عرض بليغ زمانو … عندما يلتقي مهبولان …عبد الكريم قطاطة
وانا في سنّ التاسعة تفتحت اذنايا على ما اسماه البعض عمالقة الفنّ وها انا اذكر البعض منهم كموسيقيين ..كمال الطويل محمد الموجي زكرياء احمد القصبجي رياض السمباطي وموسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب هؤلاء انتموا الى مدارس مختلفة لكن وفي ذلك العصر لم يستطع احد التشكيك في عبقريتهم لذلك هم لمن هم في مثل سنّي اباطرة الفنّ الشرقي ..
وعندما ظهر بليغ حمدي على الساحة الفنية احدث شوشرة في دنيا الفنّ بالمعنى الايجابي للكلمة ..واذا اردت ان اعطيه توصيفة لمسيرته اقول عنه فقط هو مهبول متاع موسيقى .. البارحة وانا احضر عرض بليغ زمانو للشاب محمد رمزي بن منصور احسست انّي في حضرة مهبولين بليغ ورمزي رمزي هو شاب يتدفّق جنونا تصوّرا وتنفيذا لعرض البارحة وادارته للمجموعة عازفين ومجموعة ومطربين تشعر بتماهيه مع كلّ نوتة موسيقية وتستجيب له عصيّته التي يدير بها المشهد الى نبضات روحه الفنّية لتطيع ما يريد من الموسيقيين والمطربين ..ينضاف اليها حبّه وتقديره لمجهودات من يعمل معه لكأنّي به يقول للجميع دون استثناء كم احبكم لذلك ينخرط الجميع في تفاعل جميل مع الحبّ الصادر من جواجيه الفنية ..وذلك ما يفسّر انضباطهم جميعا في منظومة اسمها _ عشق الفنّ _ ووحده العشق قادر على الانجاز الجميل والممتع .. البارحة وفي عرض بليغ زمانو اجتهد رمزي في اختيار مقطوعات لبليغ مختلفة المشارب والاذواق متنقلا بين ميادة وعبدالحليم وام كلثوم دون نسيان حبّه الكبير ومن تكون غير وردة ..مرورا بالبعض من لحّن لهم صباح محمد رشدي عفاف راضي على سبيل المثال ..عرض البارحة اكّد انّ صفاقس حاضنة للفنّ باتمّ معنى الكلمة فالسولوات على الكمنجة والناي والاورغ والاكورديون ابدع فيها اصحابها والاداء الجماعي كان ممتازا للغاية وانضممت وانا امتّع الروح بهذا العزف الجميل انضممت الى قافلة المهابيل وكنت وفي نهاية كل اغنية اصيح باعلى صوتي وينك يا زهمول ؟؟ _ وفي ذلك اشارة لهذا الطائش وامثاله الذين يكنون حقدا مقيتا لصفاقس ومبدعيها ليس فقط كرويا بل وفي كل الميادين .. اعود للعرض لاقدّم وحسب تقديري ملاحظة الامتياز لاسمين قدّما اداء فرديا متميّز جدّا ..وانا لا اتورّع كما عرفتموني في اسناد مثل هذه الالقاب رغم انّ البعض لا يستسيغ ان لا يكون ضمن قائمة المتميزين ..لتلك الفئة اهمس مرة اخرى هل يُعقل ان يحصل على المرتبة الاولى كافّة تلاميذ القسم الواحد ؟؟ ثمّ رايي هو اجتهاد شخصي يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ الامتياز البارحة في الاداء الفردي كان لاسمين الولد ريان الغمقي .. نعم هو ولد سنّا لكن كبييييييييييير اداء ما شاء الله عليه .. فقط على رمزي ان يؤطّره كما ينبغي اذ لا يعقل ان يقدّم اغنية لام كلثوم وفي حركاته تراه اقرب للدلاجي ..الكبار لهم حضور خاص بهم .. حضور فيه خشوع .. كذلك وعند انتهاء وصلته وبعد عودته الى مكانه يجب الّا لا يُبيح العنان لنجاحه ويرسل القبلات والاشارات الى محبّيه ..باستثناء هاتين الملاحظتين يبقى ريّان اسم واعد جدا …
الاسم الثاني لشابة في مقتبل العمر _ يسر الحمامي _ كذلك ما شاء الله عليها _ متمكنة جدا في كلّ المقطوعات التي ادتها ..يسر مع مزيد العناية والتاطير سيكون لها اسم في دنيا الفنّ ذكرت اسمين وهم في الحقيقة ثلاثة ..وكيف لي ان انسى الديامونتة لينا الكراي ..نعم العازفة على آلات الايقاع ..لينا وحدها وفي حدّ ذاتها هي عرض ..لينا التي لم تصل بعد الى سنّ السابعة عشرة من عمرها وُلدت فنانة ..لينا لا تعزف على آلة ايقاع ..لينا تزوجت آلة الايقاع فاصبحا فردا في صيغة الجمع ..
عندما صعدت على الركح بعد نهاية العرض صعدت لاهنئ الجميع بهذا العرض المتميّز ولكن كنت في الحقيقة ابحث عن لينا..ووجدتها مع والدتها وقلت للينا ها انا ساشتكيك لامّك ..اندهشت لينا من موقفي هذا فقلت لامّها ..سيّدتي الكريمة اشتكيك من ابنتك لينا لانّي وانا في هذا العمر المتقدّم _ بنتك ماشية تهبلّني _ وكذلك قلت لابيها . موش قلتلكم في العنوان اذا التقى مهبولان .. توّة ظهرو برشة مهابل .لينا كانت سعيدة بكلامي وهي وللامانة ليست في حاجة الى شهادتي لينا خُلقت لتكون فنّانة في العزف على كلّ آلات الايقاع ..وانا لي شبه يقين انّها ستتجاوز يوما البعد المحلّي والوطني لنراها يوما تعزف في دور الاوبرا بباريس ومونيخ ولندن .. مرة اخرى وانا اشاهد العرض صحبة الفنان محمد بن عمر وجدتني مع مهبول اخر بلينا ..شكرا للجميع على عرض البارحة . ….
للامانة ونظرا لمرض عيني اليسرى لم اكن متاكّدا من حضور العرض الا في الامس ولكن وبعد حضور العرض تاكدت انّ الفنّ لا تسمعه بالاذن ولا تراه بالعين بل تعيشه بالروح والقلب ..والبارحة كان حضور الروح والقلب من نوع اوفردوز ..وكلمة اوفر دوز لا اظنها غريبة على بليغ زمانو ..






