في ندوة دولية بتونس : « الإطار القانوني الجديد وإضعاف الهيئات العمومية المستقلة أثرا سلبا على آليات المساءلة »

في ندوة دولية بتونس : « الإطار القانوني الجديد وإضعاف الهيئات العمومية المستقلة أثرا سلبا على آليات المساءلة »

27 أكتوبر، 16:00

قال مشاركون في ندوة دولية حول « آليات المساءلة الوضع الراهن والآفاق »، انتظمت الجمعة بالعاصمة، إن توفر النصوص القانونية التي تسمح بتكريس آليات المساءلة لا يضمن بالضرورة تحقيقها، لاسيما في ظل تغير الإطار القانوني واعتماد الدستور الجديد (دستور 2022) و »إضعاف الهيئات العمومية المستقلة ».
ولاحظوا خلال هذه الندوة العلمية الدولية، التي ينظمها برنامج « انتقال مسؤول من أجل المجتمع التونسي » التابع لبرنامج التنمية والتعاون السويسري، أن استقرار آليات المساءلة في تونس لم تعد مضمونة وأن تطور الدساتير على غرار دستور 2022 يمكن أن يؤثر بعمق على هذه الآليات وعلى مدى نجاعتها، معتبرين أن الوضعية الحالية لآليات المساءلة في العديد من الدول ومن بينها تونس بعيدة كل البعد عن المثالية.
ولفتوا إلى أن غلق هيئة مكافحة الفساد على سبيل المثال كان لها الأثر الواضح على قدرة الدولة على ضمان الشفافية في الشؤون العمومية، مشيرين إلى أن الهيئة كانت تقوم بدور جوهري على مستوى الرقابة والوقاية من الفساد، « وهي عناصر ضرورية للحفاظ على ثقة المواطن في المؤسسات الحكومية »، وأن إيقاف نشاطها يثير مخاوف من إمكانية انتشار الفساد وضعف آليات الرقابة.
كما بينوا أن العديد من الآليات تبقى غير ناجعة على غرار اللجنة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية التي تواجه عوائق عديدة حالت دون القيام بدورها في حماية الحقوق الأساسية والنهوض بها والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي تم « إضعافها ولم يعد لها فعليا أي دور سوى المسؤوليات الإدارية والمالية، وهو ما يطرح مسائل تتعلق باستقلالية المؤسسات الإعلامية وقدرة المواطنين على النفاذ الى معلومة موضوعية ومحايدة »، حسب تقديرهم.
وفي هذا السياق، قال رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي الجراي « إنه وبالنظر إلى التعثر الذي شهده مسار الانتقال الديمقراطي في تونس فإن الهيئات العمومية المستقلة بدورها تأثرت، واضمحل بعضها والبقية تعمل تحت الضغط »، مشددا على أن هذه الهيئات وإن كانت مستقلة فهي ليست فوق المساءلة من قبل السلطة التشريعية والقضائية وكذلك من سلطة المجتمع المدني الذي يتابع نشاطها ومدى قيامها بوظيفتها ».
واعتبر سليم بالعربي منسق برنامج المساءلة في تونس بالأورومتوسطية أن » واقع المساءلة في تونس تغير بعد 25 جويلية، وذلك بعد تجميع كل السلط في يد واحدة والضغط على القضاة وفسخ هيئات دستورية سابقة من الدستور، مما أثر سلبا على تحقيق المساءلة « ، مؤكدا ضرورة دعم آليات المساءلة في تونس وتعزيز الهيئات العمومية المستقلة للقيام بوظائفها وفق القوانين المحدثة لها.
وفي قراءة قانونية لآليات المساءلة في تونس، قالت منى كريم أستاذة القانون العام بكلية العلوم السياسية والاجتماعية والقانونية بتونس » إن المساءلة موجودة في النصوص، وهناك نصوص منذ 2011 مازالت نافذة لانه لم يتم تنقيحها « ، موضحة أن المساءلة تعني أن كل من يتحمل مسؤولية في الدولة لا بد أن يدلي بمعلومات حول آداء وظيفته ويعاقب في حالة مخالفة القانون.
وأضافت قولها « ليس هناك دولة قانون دون مساءلة لكن لا بد من تطبيقها على الجميع دون تمييز ولا يجب أن تكون المساءلة وراءها أسباب سياسية بحتة « ، مبينة أن الواقع مختلف عن النصوص، حيث توجد حالات تطبق فيها المساءلة وأخرى لا تطبق، مشيرة إلى أن فلسفة المساءلة قد تغيرت مع دستور 2022 على مستوى السلطات السياسية والقضائية، وأن المساءلة أصبحت اليوم غير متوازنة بعد تغير نظرة المشرع لها.
وأوضحت في هذا الصدد أن حل البرلمان مثلا أصبح أسهل بكثير مما كان عليه سابقا في دستور 2014 وأن رئيس الجمهورية يمكن له حل البرلمان دون شروط. كما أن مساءلة الحكومة أصبحت صعبة نوعا بالنظر إلى أنها تستوجب أغلبية الثلثين في برلمان بغرفتين.
وأضافت أن رئيس الجمهورية هو الطرف الوحيد الذي يمكنه مساءلة الحكومة وهي مسؤولة أمامه، يعينها ويعزلها، وكل السلط مسؤولة أمام الرئيس وفي المقابل فإن رئيس الجمهورية لا يتحمل أية مسؤولية سياسية وقانونية في الدستور طالما أنه يمارس مهامه.
وذكرت بأن الفصل عدد 10 من الدستور ينص صراحة على الحصانة المطلقة للرئيس طيلة فترة ممارسة مهامه وعدم محاسبته من أية جهة كانت سوى الشعب.
من جهته، قال رئيس هيئة النفاذ إلى المعلومة عدنان الأسود أن واقع المساءلة في تونس تحققت فيه بعض المكاسب ولكن هناك العديد من التحديات التي تنتظر الهيئات وأهمها تغيير عقليات الموظف التونسي الذي يجب أن يستوعب الأحكام الخاصة بالمساءلة والشفافية ويحترمها وأن يكون ملما بالقوانين ذات العلاقة .
وتنتظم هذه الندوة العلمية بالتعاون مع الأورومتوسطية والهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وهيئة النفاذ للمعلومة والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، ويشارك فيها العديد من الخبراء وأساتذة القانون وممثلون عن الهيئات العمومية المستقلة.

مواضيع ذات صلة