قضية العرائش: الفقهاء و السياسة …الازهر التونسي
تقع مدينة العرائش بالشمال الغربي للمغرب الأقصى على ساحل المحيط الأطلسي وقد كان هذا الميناء المغربي محور قضية كبرى هزت المغرب الأقصى في بداية القرن السابع عشر ميلادي و سأستعرض تفاصيل هذه القضية بإيجاز في ما يلي :
دخل المغرب الأقصى مرحلة من الاضطرابات و الصراع على السلطة بعد وفاة السلطان السعدي منصور الذهبي (1578-1603م) و نتيجة لذلك انقسمت البلاد إلى جزأين الشمال و مركزه فاس تحت سيطرة المأمون و الجنوب و مركزه مراكش تحت سيطرة زيدان صاحب المكتبة الزيدانية التي تحدثت عنها سابقا و التي توجد اليوم في دير الأسكوريال و في خضم هذا الصراع استنجد المأمون بالنصارى الأسبان في مواجهة أخيه و لذلك عبر لأسبانيا حيث ترك أبناءه و حشمه رهائن لدى النصارى و وعد بتسليمهم ثغر العرائش مقابل دعمهم ليقيموا به قاعدة عسكرية لهم و كان ذلك سنة 1609م
و قد أثار تسليم العرائش للأسبان مواقف متناقضة بين فقهاء فاس في تلك الفترة :
– فمنهم من أباح فعل السلطان و من بينهم الفقيه محمد بن القاسم بن القاضي و الذي قتلته العامة بجامع القرويين بفاس
– و هناك من أنكر فعل السلطان و أفتى بتحريمه و من بينهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي الحسن و الذي أغتيل على يد أعوان المأمون
– و هناك من آثر الحياد و الاختفاء عن الأنظار في هذه القضية و من بينهم المقري صاحب كتاب نفح الطيب الذي اختفى عن الأنظار في انتظار صدور فتاوي حول هذه القضية
وقد أفقدت هذه القضية الدولة السعدية جزءا كبيرا من شرعيتها و جعلت الناس ينفضون من حولها و عجلت بسقوطها على يد العلويين الذين حرروا ثغر العرائش سنة 1689م
أسرد هذه الأحداث التاريخية بحثا عن الفائدة و العبرة لذوي الألباب لأن التاريخ لا يرحم كما يقال