كفاءاتنا بالإدارة : من هي وكيف وصلت إلى هذه المرتبة؟

كفاءاتنا بالإدارة : من هي وكيف وصلت إلى هذه المرتبة؟

4 سبتمبر، 18:30

كثيرا ما نستمع إلى كلمة كفاءات تتردد في وسائل الإعلام وخاصة منها الكفاءات بالإدارة التونسية والتي أصبحت تعد مفخرة لبلادنا لما تتميز به من مهارات وقدرات في شتى المجالات.

فمن هي هذه الكفاءات وكيف تمكنت من بلوغ هذه المرتبة؟

السؤال بريء والجواب يخفي وراءه عدة نقاط استفهام ولا يخطر على بال الذين ليس لهم دراية بالإدارة المركزية ولا يفهمون نواميسها، وحتى لا نكون مجحفين في حق البعض، فإن العرض الآتي يتعلق بالأغلبية.

فإذا تمعنا وقمنا بالتدقيق اللازم في مسيرة هؤلاء، سنجد أن الأمر غير طبيعي وسنقف بالتأكيد على خفايا هذه الكفاءات التي غالبا ما تكون من الإطارات المركزية.

فمنذ الإستقلال وإلى يومنا هذا، لم نشاهد ولو وزيرا واحدا تعامل بحكمة وعدل بين مختلف الموظفين بل بالعكس نراه يتصرف وكأنه في ضيعته الخاصة ولا يبالي بتبعات ذلك.

فجميعنا يعلم أن من أهم مصادر الكفاءة هو السفرات والتكوين والمأموريات بالخارج التي يتم التصرف فيها في بلادنا كغنيمة تعطى وتهدى لواحد وترفض لآخر، ويتمتع بها في جل الحالات إطارات الإدارة المركزية، علما أن هذه الرحلات التكوينية تتضمن امتيازات مالية هامة. ورغم الإجراءات التي تم اتخاذها للتقليص من المهمات بالخارج، فقد تواصل التعامل على نفس الوتيرة ثم تفاقم، وأغلب المستفيدين اليوم من هذه الخرجات هم المقربون بديوان الوزير وخاصة منهم من يطلق عليهم تسمية مستشار أو مكلف بمأمورية أو ملحق بالديوان، وكذلك أصحاب العلاقات المميزة مع إدارة التعاون الدولي بالوزارة.

وقد حدث ومازال يحدث أن تمتع من هو على مشارف التقاعد بدورات تكوينية في الخارج وهي، حسب رأيي، من المفارقات الغريبة والإنفلاتات التي تنفرد بها تونس.

فهؤلاء المقربون تكون لهم عادة الأولوية في الترقية في الرتبة نتيجة حصولهم على شهائد تكوين إضافي على الورق، تدعم ملفاتهم في المناظرات المهنية الداخلية. وبعد سنوات من التمتع بالرحلات في الخارج، يطلقون عليهم تسمية، خبراء وكفاءات مشهود لهم بالتميز في مجال معين.

فهذه الوضعيات يمكن تصنيفها في خانة سوء التصرف أو استغلال النفوذ وهي تجاوزات لم يتطرق إليها أي تقرير من هيئة الرقابة الإدارية والمالية، وهذه التقارير تكون عادة كلاسيكية ولا جديد فيها.

وعملية التعرف على هذه “الكفاءات” أمر ليس بالعسير وذلك من خلال الإطلاع على جذاذات المسيرة المهنية fiches de carrières وليست السيرة الذاتية والتأكد من صحة المعطيات إن شئنا بالتنسيق مع مصالح الحدود حتى لا يقع إخفاء ما أمكن إخفاؤه.

وكما تلاحظون، من غير المعقول حتى لا أقول شيئا آخر، أن يتمتع موظفون بعشرات السفرات للخارج للتكوين والترفيه وكسب المال ثم بعد ذلك كسب الأولوية في الترقية، على حساب زملائهم بالجهات والذين لا يصلهم إلا الفتات ولا حول ولا قوة لهم.

هذه هي حقيقة الكفاءات بالإدارة التونسية، وحت لا أطيل أكثر، أترك لكم المجال للتعليق والتفاعل مع هذا الموضوع الهام الذي يجهله جل التونسيين.

محمود

مواضيع ذات صلة