لماذا الإصرار على السير في الطريق الخاطئ؟…الأزهر التونسي
بعد ظهور جائحة كورونا في الصين أواخر 2019 و دخولها للبلاد التونسية في مارس 2020 سلكنا سياسة لمجابهة الوباء تنقسم لفترتين:
– فترة أولى أثمرت نجاحا منقطع النظير بفضل الإجراءات الجذرية و الإستباقية التي تم اتخاذها و التي حدت من انتشار الوباء و جعلت البلاد تكاد تكون خالية من الفيروس اللعين في أواخر جوان الفارط
– فترة ثانية ذات نتائج كارثية دشنت بفتح الحدود و إتباع سياسة اللامبالاة (سياسة مناعة القطيع المتوحشة التي جربت في الولايات المتحدة و بريطانيا و البرازيل و أدت إلى نتائج كارثية في كل هذه البلدان مما جعل أغلبها يتراجع عنها)و بمقارنة بسيطة نلاحظ النجاح الباهر في الفترة الأولى و الفشل المدوي في الفترة الثانية ولكن رغم ذلك تصر السلط العمومية على اعتماد مقاربة السياسة الثانية و هي سياسة أدت إلى تحول الوباء إلى ما يشبه النار التي تسري في الهشيم فيتزايد عدد الإصابات يوميا بما يفوق الألف و تتكاثر الوفيات بشكل مرعب و تتفاقم حالات الإقامة في المستشفيات و في أقسام العناية المركزة مما بات يهدد المنظومة الصحية بالانهيار و كل هذا و القائمين على الشأن الصحي يحاولون تحميل الأفراد المسؤولية و يسعون للتنصل من استتبا عات سياساتهم الخاطئة فاللجنة العلمية المكلفة بإدارة أزمة كورونا تعاين النجاح و توافق على قرارات غير مدروسة العواقب أدت إلى تحول النجاح إلى فشل ذريع بل أكثر من هذا يحاولون إقناع الناس بحتمية تلك الإجراءات الفاشلة فأي إنسان يتمتع بالحس النقدي و بالتفكير العلمي المنهجي لا يمكنه أن يدافع على الفاشل وينسف الناجح فأي مراجعة لأي سياسة كانت تهدف إلى مزيد الجدوى و تحقيق مكاسب جديدة ثم إن القول بأن المتوفين هم من المسنين و من أصحاب الأمراض المزمنة فهو كلام مردود على أصحابه باعتبار حق الحياة مقدس مهما كان سن الفرد فليكف هؤلاء عن ترديد هذه الحجة في وسائل الإعلام لأنها تسيء إليهم أكثر مما تسيء لهؤلاء ( يكاد يصرح مرددو هذا القول بأنه من الأفضل أن يرحل هؤلاء المسنون)ثم المسألة الموالية و التي أردت إثارتها تتعلق بمدى ملاءمة الإجراءات مع وعي غالبية الناس فإذا كنت مقتنعا بأن وعي الناس محدود فابحث عن إجراءات أخرى تتماشى مع طبيعة شعبك و إلا تصبح السلطة في واد و الناس في واد آخر وهو ما يؤدي لتفاقم الجائحة لقد كنا في بداية دخول الجائحة نعتمد على الاستباق و الآن أصبحنا متفرجين تاركين الحبل على الغارب و في جل الأحيان نتخذ الإجراء الذي هو في الأصل محدود النتيجة و فيه ذر رماد على العيون و بعد فوات الأوان لقد حان الوقت و ربما فات للوقوف وقفة حازمة لمجابهة الأزمة و العمل على تكسير حلقات العدوى بقرارات صارمة و فعالة و ناجعة نسأل الله السلامة للجميع.