مدنين: سيّاح يواصلون مدة إقامتهم بجزيرة جربة ويوجهون رسائل مهمة في حب الحياة والسلام
على طول الطريق السياحية الرابطة بين المنطقة السياحية ومدينتي حومة السوق وميدون بجزيرة جربة، تتواصل الحركة دون انقطاع بين ذهاب وإياب وخاصة للحافلات السياحية التي تؤمن نقل زوّار الجزيرة بين نزل إقامتهم ووسط المدينة للتجوّل بالاسواق والمطاعم وخاصة سوق الربع والمدينة العتيقة بميدون.
ومع الوصول الى النزل، لم يختلف المشهد عن نسقه العادي بين سياح ينتظرون امام النزل سيارات تاكسي تحملهم الى وسط المدينة حاملين قفاف من السعف ومرتدين مظلّلات على رؤوسهم، وآخرون مستلقين على جوانب المسبح للاستمتاع بأشعة الشمس التي أشرقت من جديد بعد يومين من الغيوم الكثيفة.
“استير” سائحة فرنسية تحدثت عن جمال ومتعة فترة إقامتها التي تدوم أسبوعا سينتهي بعد يومين، قائلة “لقد تجوّلت في كل الاماكن واقتنيت أغراضا من الصناعات التقليدية الجميلة، وتذوّقت أطباقا من المطبخ التونسي، واستمتعت خاصة بجمال الطقس”.
واعتبرت ما حدث مساء أمس بالغريبة حادثا معزولا، كما لا يوجد بلد بمنأى عن مثل هذه الحوادث التي تؤثر على مستوى الخوف والهلع لكن سرعان ما يتلاشى تأثيرها وتبقى فقط الأشياء الجميلة وكل ما يعطي معنى لهذه الحياة ، قائلة إن “من يقدم على مثل هذه الاعمال بعيد كل البعد عن الانسانية”.
وكانت هذه السائحة الفرنسية، التي لم تزر تونس منذ اكثر من 20 سنة، تعتزم التمديد في زيارتها لولا تعرض زوجها الى وعكة صحية ستضطرها إلى العودة في موعدها المبرمج، لترجع إلى بلدها وهي تحمل ذكريات جميلة لا يمكن لمجرد حركة غير إنسانية أن تعكر صفوها، حسب تعبيرها.
وغير بعيد عن هذا الموقف، قال “بينستي” الفرنسي معلقا على حادثة الغريبة إنه “أمر مزعج ومقلق، لكنه يبقى عادي وكل بلدان العالم معرضة لمثله”، معتبرا انه من غير المعقول ان نحكم على بلد وعلى شعب لمجرد حادث لا يمثل المجموعة.
وأكد أنه مستمتع بفترة إقامته وسيتمها في آجالها المبرمجة لمدة اسبوع غير عابئ بما حدث، قائلا لا يجب ان نغفل على حفاوة الاستقبال، وجودة الخدمات، ومتعة المشاهد وجمالية الجزيرة، لنبقى منغلقين على حدث أقل ما يقال عنه أنه صدر عن شخص لا يمت للانسانية بأية صلة، وفق قوله.
وبدوره قال السائح هاري بيتوف ويهودي تونسي مقيم بكندا إنه سيتم فترة إقامته ولن ينسى ما قضاه من وقت ممتع وما لاحظه من حسن استقبال وجودة خدمات، مؤكدا أنّه يعتزم العودة في زيارة العام المقبل، وقائلا إن “الحياة اقدار وما على الانسان الا ان يعيشها ويستمتع بها في كل لحظة وأينما وجد”.
واعتبر أن كل البلدان لا تخلو من مثل هذه الحوداث ومن أحداث أخرى أكثر مأساوية، معبّرا عن قناعته أن تونس أفضل البلدان فهي ترحّب بضيوفها كما أنّها بلد منفتح وآمن.
ويقيم داخل النزل عدة سيّاح ليبيين أكدوا، في تصريحات متطابقة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، ثقتهم في هذه الوجهة التي تبقى المفضلة لديهم للتقارب اجتماعيا وانسانيا بين الليبيين وأهالي الجنوب التونسي بالخصوص، وخاصة لتوفر منتوج سياحي متطوّر تجد فيه العائلات مكانا لها.
وحمل الفضول سيّاحا آخرين اليوم لزيارة معبد الغريبة واستكشاف مكان الحادثة، بعضهم على متن حافلة سياحية وآخرون على متن سيارات تاكسي، إلا ان قرار غلقه حال دون ذلك، فانتهزوا الفرصة للتجول بين أزقة “جربة هود” في منطقة الرياض مستمتعين بالمعرض المفتوح للصور الذي يمثّل وجهة مميزة لكل زائر للجزيرة.
ووفق مصدر من مندوبيّة السياحة، فإن عدة رحلات سياحية انطلقت من النزل نحو عدة مسالك سياحية، منها داخل الجزيرة واخرى نحو قابس وقصر غيلان، مؤكدا ان كل الرحلات الجوية السياحية متواصلة وفق برمجتها العادية دون أي الغاءات بعدد 13 رحلة في اليوم في القدوم ومثلها في المغادرة.
وبالتوازي مع ذلك، يواصل المهنييون في القطاع السياحي الوقوف على اوضاع نزلائهم ومتابعة الخدمات المسداة بكل دقة، حرصا على توفر كل الظروف المناسبة لقضاء فترة إقامة مثاليّة، واستعدادا للموسم السياحي الذي يعوّلون عليه كثيرا، خاصّة وان الجهة مثّلت وجهة مميزة طيلة السنة.
من جهته، أكد رئيس الجامعة الجهوية للنزل، جلال الهنشيري، أن الوضع حاليا مطمئن وعادي، في ظلّ تواصل عدة زيارات عمل للمهنيين وأمام عدم تسجيل إلغاءات للحجوزات، وتواصل إقامات السياح بالجزيرة في سعي حثيث لمعالجة ما حصل البارحة، موضحا ان الحجوزات قد تشهد الغاءات في الفترة القادمة إلّا أنّها لن تكون بشكل كبير ومقلق ليبقى المطلوب حسن الاعداد لموسم الذروة والتصدي لاية اشاعات بتوفر المعلومة الدقيقة والصحيحة من مصدرها، وفق تقديره.
وكان وزير السياحة محمد المعز بلحسين، الذي يواصل زيارته الى جزيرة جربة كامل نهار اليوم، قد أكد أنه لا وجود لاي الغاء للحجوزات او عودة للسيّاح قبل إتمام مدة إقامتهم، حاثّا المهنيين على مواصلة الاستعداد للموسم السياحي.