مرصد رقابة مستقبل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بين شعبوية الخطاب الرسمي وفساد الطرف النقابي
تم قبل يومين ايقاف الصنكي الأسودي الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل في القصرين أحد أكبر المتسببين في تدهور أوضاع الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق والشخص المذكور تعلقت به عدة شبهات. وسبق لمرصد رقابة أن تقدم بعديد الشكايات ضده وضد عدد من مسؤولين بالشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق وعلى رأسهم لبيد الغضباني الرئيس المدير العام السابق الذي فر من البلاد دون أن تطاله يد العدالة وأغلبها محل بحث تحقيقي.
مرصد رقابة ومنذ سنوات يطرح للجهات الرسمية وللرأي العام خطورة تحالف الشر بين الشخص المذكور، الذي شغل خطة الكاتب العام للنقابة الأساسية للشركة، قبل أن يصبح كاتبا عاما لجامعة النفط والمواد الكيميائية بالاتحاد ثم كاتبا عاما جهويا بالقصرين من ناحية، ولبيد الغضباني الرئيس المدير العام السابق للشركة، الذي ظل في مكانه هناك عشر سنوات تقريبا تحت حماية الصنكي ولوبيات نافذة وسجلت الشركة خلال تلك الفترة خسائر متراكمة فاقت 490 مليون دينار أي ماي عادل نسبة 92 بالمائة من مجموع الخسائر.
تحالف خرب الشركة على جميع أوجه التصرف من الانتدابات للأقارب والمقربين بالرشاوي والمحسوبية وتزوير المناظرات والتلاعب بالترقيات والامتيازات الفاجرة والتلاعب بالصفقات والشراءات ومنظومة التزود بالحلفاء وهرسلة الشرفاء وطردهم. ويتحمل المسؤولية الأكبر على تدهور وضعها المالي والاجتماعي وتراكم ديونها وانهيار طاقتها الانتاجية وقدرتها التنافسية وخسارة أسواقها الخارجية.
المرصد لم يتوقف طيلة الفترة الماضية عن متابعة ودرس وضعية الشركة بالاستناد إلى تقاريرها المالية والى كل التقارير الرقابية المتاحة، وراسل الجهات الرسمية مرات عديدة للفت النظر وتحديد المسؤوليات بخصوص التدهور الخطير لأوضاع الشركة، واستحالة تواصل وضعها كشركة مفلسة تستنزف أموال المجموعة الوطنية لخلاص الأجور والامتيازات والمصاريف غير المشروعة في ظل تورط الإدارة العامة وهيمنة النقابة وتواطئ مسؤولين في وزارة الإشراف.
النقابي الموقوف الصنكي الاسودي صرح قبل أيام قليلة إثر زيارة رئيس الجمهورية إلى معمل الحلفاء بالقصرين، أن تصريح الرئيس بأن الشركة ليست للبيع وسيتم انقاذها: “مهما للغاية … وقد يوقف سياسات التهميش والإهمال التي عانى منها المعمل “. كعادة البيروقراطية النقابية التي “تأكل مع الذئب وتبكي مع الراعي“. ورغم ذلك النفاق تم ايقافه في انتظار تحميل المسؤوليات.
شأن الصنكي الاسودي موكول للعدالة، وفي المقابل مستقبل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق يحتاج الى دراسة معمقة وموضوعية.
الحديث عن أن “الشركة ليست للبيع” شعار فاقد للمعنى، باعتبار أن وضع الشركة الكارثي لا يجعلها مؤهلة للبيع والتفويت. فمن يفكر في شراء شركة لديها خسائر متراكمة تجاوزت 570 مليون دينار موفى سنة 2022، وفاقت ديونها 600 مليون دينار موفّى سنة 2022، منها 300 مليون دينار قروض خزينة، و65 مليون دينار ديون الشركة تجاه الصناديق الاجتماعية، و100 مليون دينار ديون الشركة التونسية للكهرباء والغاز، و105 مليون دينار ديون تجاه المزودين والبنوك ودائنين آخرين وجل رصيدها العقاري موضوع رهون بنكية بقيمة 77 مليون دينار بالإضافة إلى رهن جملة من الأصول التجارية والمعدات بمبلغ جملي قدر ب 55 مليون دينار،؟؟
أما الحديث عن “إنقاذ الشركة” فشعار فضفاض لا نظنه مستندا إلى معرفة دقيقة بوضع الشركة وباستتباعات الإنقاذ المالية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
هل المقصود بالإنقاذ الابقاء على وضع راهن غير قابل للإصلاح وضخ المال العام في ثقب أسود، ومواصلة اسناد قروض خزينة لتغطية أجور الأعوان وبقية الامتيازات والاستعمالات للموارد مثل تمويل الجمعيات والوداديات وتذاكر الاكل والمنح غير القانونية وخلاص مصاريف الاستقبالات والاشهار، وتكفل الشركة بمصاريف المهمات النقابية. كما هو الحال اليوم؟
هل المقصود بالإنقاذ ضخ مبالغ خيالية بغرض اعادة تأهيل معدات الشركة مع الإبقاء على منظومة الحوكمة الخاربة الحالية.
هل المقصود تصفية ديون الشركة التي تسبب فيها فساد تحالف الشر بين الإدارة والنقابة عبر المال العام.
هل المقصود بالإنقاذ الإبقاء على نشاط الشركة كما هو اليوم، دون الأمل في تحقيق نجاعة اقتصادية بسبب التغييرات التكنولوجية والصناعية الكبرى في منظومات إنتاج الورق في العالم.
أزمة الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق أزمة هيكلية خانقة، لا يمكن ان يتواصل معها الوضع الراهن الفاشل كما هو ومن الإجرام مواصلة المسؤولين العموميين ضخ المال العام في ثقب أسود.
المؤسسات العمومية وجدت لتحقق التنمية وتسجل إيرادات لا لان تستنزف الأموال العمومية ويتلاعب بها الفاسدون عندما تصبح الدولة تنفق من المال العام الشحيح دون أمل في أرباح ولا في تنمية من واجب المسؤول العام التوقف عن ذلك والبحث عن حلول بديلة.
في وضع معمل الحلفاء بالقصرين، وصلنا لهذه المرحلة وآن الأوان أن تتحمل الدولة مسؤوليتها والقول بغير ذلك مجانب للصواب.