مكالمة هاتفية بثمن السيادة….اشرف المذيوب

مكالمة هاتفية بثمن السيادة….اشرف المذيوب

30 سبتمبر، 21:45

في عالمٍ اختلطت فيه الموازين، صار القصف يُغسل بالاعتذار، وصار الدم رهين مكالمة هاتفية عابرة. قُصفت الدوحة، سقط الأبرياء، سالت دماء على أرض دولة ذات سيادة… ثم جاء صوت من وراء البحار ليقول: “نعتذر… ولن يتكرر”. وهكذا، تُطوى المأساة كما تُطوى صفحة في كتاب.
لكن، هل السيادة تُقاس بالاعتذارات؟ وهل دم الأبرياء يُمحى بعبارة “لم يكن مقصودًا”؟
القانون الدولي يقول إن ما جرى عدوان يستوجب محاسبة، تعويضًا، وإدانة. أما الواقع السياسي فيقول شيئًا آخر: إن قوة المعتدي أهم من عدالة الضحية، وإن كلمة من البيت الأبيض قد تُحوّل الفاجعة إلى مجرد حادث عرضي.
الغريب وربما المؤلم أن قطر قبلت الاعتذار. قد يبدو ذلك ضعفًا في نظر البعض، لكنه في جوهره يعكس براغماتية سياسية: دولة صغيرة أمام إعصار من النفوذ الدولي، تختار أن تحافظ على دورها الإقليمي بدل أن تُزج في مواجهة غير متكافئة. إنها معادلة مرة، بين الكرامة والواقعية، بين الغضب المشروع والحسابات الباردة.
هكذا يُصنع المشهد: إسرائيل تضرب، واشنطن تتدخل، والضحايا يُذكرون في جملة واحدة قبل أن تُطوى ملفاتهم.
ويبقى السؤال معلّقًا في ضمير كل إنسان حي:
إذا كان الاعتذار يكفي لإغلاق الجراح، فماذا بقي من معنى للعدالة؟
وإذا كانت السيادة تُسوّى بمكالمة، فما قيمة الأوطان؟

مواضيع ذات صلة