منير اللومي كان يعلم كل شيء …فتحي الجمّوسي
كان يعلم جيدا عادات أهالي مدينة صفاقس في التزود بالحوت المالح إحتفالا بعيد الفطر.كان يعلم أيضا أن العديد من تجار السمك المالح يستثمرون ويتزودون بكميات كبيرة من السمك لتمليحها وبيعها بمناسبة العيد وبكون ثمن تكلفتها قد يصل لعشرات الملايين موثقة بشيكات مؤجلة الدفع ويترتب عن عدم خلاصها دخول هؤلاء التجار للسجن.كان يعلم أيضا أن كميات الحوت المالح المجفف من نوع الباكالاو قد نفذت من الأسواق وأن العديد من المواطنين بحاجة لسوق باب الجبلي للتزود بنوعيات أخرى.وكان يعلم كذلك أن كل سفن الصيد البحري من صغيرها إلى كبيرها قد عادت جميعها وفي نفس الوقت بمناسبة العيد من رحلات الصيد وهي محملة بكميات مهولة من الأسماك وأن بعض أنواع هته الكميات سيقع إتلافها إن لم يقع بيعها واستهلاكها في الحين.كان يعلم ويعلم ويعلم جيدا أن قرار الحكومة بالحضر الشامل لا يشمل غلق سوى الأسواق الأسبوعية و أن سوق السمك بباب الجبلي غير معني بالقرار.وكان يعلم أن قراره لن ينفذ ولن يذعن له أحد بل سيؤسس لإندلاع حالة من العصيان المدني وإحشار المؤسسة الأمنية في مواجهات مع التجار والمواطنين.ورغم علمه بكل هذا وعوض توفير الظروف الصحية اللازمة في السوق لتفادي العدوى، فقد إرتآ رئيس بلديتنا صاحب السيارة الفخمة و صاحب المكتب المجهز بأربعين مكيف هواء أن لا يتأخر عن المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية التي تنتهجها الحكومة وقرر ان يغلق سوق السمك بباب الجبلي.قراره هذا إتخذه صاحب البيومة الزرقاء حتى يتباهى به …. الرسالة واضحة: “لست وحدك من تدمر البلاد وتفقر العباد فكلنا معك يا سيد الأسياد”.