من جعل أرض صفاقس وسماءها لا تدخل التراث العالمي؟؟..رضا  القلال – الجزء الأول-

من جعل أرض صفاقس وسماءها لا تدخل التراث العالمي؟؟..رضا القلال – الجزء الأول-

26 جويلية، 18:30

5 شروط أساسية لدخول القائمة الرسمية للتراث العالمي:   

1-التعجيل بصيانة العدّة التراثية للمدينة العتيقة والمدينة الأوروبية

2-إيقاف تدهور نسيج المشهد المعماري المرشح، وتعهده بالرعاية

3-إنقاذ المدينة من التدهور البيئي والحفاظ على سلامة المحيط

4-حشد كل القوى في المدينة وخارجها وتعبئة الرأي العام المساند لهذا المشروع

5-إعداد ملف علمي يؤكد على فرادة الترشيح واستثنائيته ويستجيب لشروط الترشح

كتب رضا القلال    

 حضرت يوم الجمعة الماضي اجتماعا بقصر بلدية صفاقس للنظر في استكمال ملف ترشيح مدينة صفاقس في القائمة النهائية للتراث العالمي باليونسكو. وكان ذلك  ليس بصفتي مؤرخا اشتغلت وأصدرت الكتاب الوحيد لحدّ الآن عن المدينة العتيقة بصفاقس بمعية الصديق د.خليل قويعة(البلاد العربي بصفاقس 12 قرنا من التاريخ والحضارة، صفاقس 2017 )، والكتاب الوحيد لحدّ الآن أيضا عن المدينة الأوروبية (باب بحر صفاقس التاريخ الذاكرة الهوية، تونس 2009) ولا بصفتي عضوا في الجنة العلمية للملف المذكور اعلاه، باعتبار أن اللقاء كان مخصصا للمجتمع المدني لا غير ؟؟

وارتبط حضوري بصفتي الصحفية، وحرصي على الاستماع الى د. فوزي محفوظ، واللقاء به والتعرف على د. مصطفى الخنوسي مستشار وزيرة الثقافة والخبير الدولي في التراث. وكانت تدور في ذهني عدة أسئلة: تساءلت عن التطورات الأخيرة لهذا الملف بعد 10 سنوات، وثانيا عن موقف وزارة الثقافة؟ وآخر هذه التساؤلات البحث في مقولة “نلوم غيرنا والعيب فينا”؟ وانا اعرف كم تعطل هذا المشروع في أروقة بلديتنا وجمعياتنا ومؤسساتنا …. في صفاقس !!

وبعد حضور هذا الاجتماع سأحاول أن أقرأ سطحه وتفاصيله وأفكك شفراته. وأرجو ألاّ يساء فهم ما أقصد والورقة فيها الأنباء السارة، والأخبار السيئة:

-I-

ملف التسجيل: عقد من العمل الخفي… وهدر للوقت

موضوع الملف : المشهد المعماري التاريخي والمعاصر بصفاقس والذي يضم المدينة العتيقة وباب بحر وانفتاحهما على البحر، وليس المدينة العتيقة بصفاقس فقط.  

أهم المراحل التي قطعها الملف:

2011-القسم الثقافي التابع لمكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” بالرباط، بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث ومركز التراث العالمي ينظم سلسلة من اللقاءات بصفاقس لبحث مشروع إدراج المدينة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو

2012 – تسجيل الملف في القائمة التمهيدية للتراث العالمي باليونسكو

2012-2022 – تنتقد الوزارة الشلل الذي أحاط بملف صفاقس على مدى 10 سنوات  حيث اساءت كل المؤسسات بجهة صفاقس إلى مكونات الملف، وتعمّق ترهّل التراث في المدينة العتيقة، وباب وبحر، والبحر ذاته أصبح مصبا للنفايات.  وفي الأثناء انهارت منارة عمارة قصر بن رمضان ولم ترمّم الى اليوم رغم وعود البلدية، وظهر  مشكل كبير في الاثناء لا يخدم الملف ذلك ان خبراء اليونسكو سيعاينون المدينة التي أصبحت في أسوأ أحوالها البيئية والجمالية والمعمارية.  الى جانب عدم فاعلية واضحة للمجتمع المدني على كامل السنوات العشر الماضية. على عكس المشرفين على ملف جربة الذين أبدوا ديناميكية واضحة على مستوى الاجتماعات بالعاصمة، وحركية في المطالبة بالاعتمادات، ومتابعة لصيقة ودائمة ومستمرة من جمعية صيانة مدينة جربة،  إلى أن تمّ إيداع ملف ترشيح جزيرة جربة على لائحة التراث العالمي وبمقره باليونسكو بباريس في 27 جانفي 2020.

2020- المعهد الوطني للتراث يعبر عن استعداده لتوفير الإمكانات المادية والمعنوية للتسريع بتسجيل الملف في القائمة النهائية لليونسكو، ولكن الميزانية المرصودة لم تستغل من صفاقس.  علما وأن البلدية خصصت في المجلس الحالي والذي سبقه حجما ماليا للغرض سرعان ما تبخرّه؟؟؟ وقد قيّدت محدودية الإمكانات وغيابها رؤية اللجنة المشرفة على الملف، وأعاقت تعاملها، وخفضت لا شك من نسق حماسها ومتابعتها. ويعترف المعهد الوطني للتراث بعمل في العمق للجنة العلمية التي تترأسها الأستاذة أسماء البقلوطي دون أن يكون هناك عمل ظاهر.

2022-وزارة الثقافة تعطي ملف ترشيح صفاقس أولوية وترصد مخصصات مالية له وترسل المدير العام للمعهد الوطني للتراث(د.فوزي محفوظ)  ومستشار الوزيرة (د.مصطفى الخنوسي) وهو في ذات الوقت من كبار الخبراء في التراث العالمي باليونسكو. وفي هذا الإطار يندرج اجتماع يوم الجمعة 22 جويلية 2022. واقترح د.فوزي محفوظ من ناحية إحداث لجنة قيادة لإعداد الملف وإحداث لجنة دعم ولجنة اعلام من ناحية ثانية وأخيرا إعداد برامج تكوينية وطنية ودولية. وبيّن إلتزام المعهد والوزارة بإعطاء انطلاقة جديدة لهذا الملف ودعمه بكفاءات جديدة من المعهد واستقدام خبراء من الخارج والتعرف على تجارب أخرى. ويبدو واضحا أن السيدة الوزيرة أرادت أن تطمئن على مسار هذا الملف قبل قدومها المنتظر  إلى صفاقس وهذه برايي انطلاقة جديدة مشجعة. علما وأنه الى حد الان ومنذ أكثر من عقد من الزمن كانت اللجنة المشرفة بصفاقس مبادرة ومتطوّعة بقيادة الأستاذة أسماء البقلوطي ود. ناصر البقلوطي

حيرة وقلق… وشروط عالية جدا

الحاضر في هذا الاجتماع يشعر بسحابة قلق تخيّم على تسجيل ملف صفاقس، وتخوّف من عدم القدرة على أن يجمع المشروع كل الأطراف ليصبح العنوان البارز للمدينة وأهلها (إدارات مركزية وجهوية، مجتمع مدني، مساندون، وجوه معروفة وذات تأثير ….). وتساءل الفريق الثنائي المركزي عن المعوّقات التي تكبح جماح هذا المشروع؟ ولماذا لم يتقدم هذا الملف؟ خاصة وأن كل تأخير يضاعف مشاكل الملف والدليل على ذلك أن تسجيل ملف منها  “التحليل الاولي” وهو عبارة عن دراسة توثيقية لملف الترشح، إلى جانب “محيط” المنطقة المرشحة في استثنائيتها وفرادتها، وتقديم ضمانات الحماية وبرامج التثمين على المستوى السياحي،  ودعا إلى إيقاف هذا النزيف للوقت وإيجاد حلول سريعة. والمهم أن حدا أقصى بخمس سنوات أخرى مفتوحة لإعادة الاشتغال على ترشيح ملف صفاقس للقائمة النهائية باليونسكو.

والحقيقة لا بد أن نقف في مواجهة طرح السؤال :  هل نطوي ورقة ترشيح ملف صفاقس وننتظر ظروفا موضوعية أفضل تحقق فيها كل الأطراف الانسجام والتكامل وتتجاوز خلافاتها،  وعدم اهتمامها بعض عناصرها، وانتظار امتلاك القدرة على إنجاز هذه المهمة؟  أم بدل هذا التنازل القسري، نبعث أنفاسا جديدة وطاقة اوكسيجين إضافية لهذا المشروع؟ وهذا يحتاج طبعا إلى ممرّ إلزامي فيه صيانة العدّة التراثية والرعاية ومراقبة المحيط ومد جسور الرسوخ والثبات والتعاون والحماس حتى نخلق فرصة انتصار على الجرح.

مع الإشارة أن مدينة صفاقس التاريخية، أدرجت في قائمة التراث الإسلامي للاسيسكو(المنطمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) . ويمكّن هذا التسجيل من الحصول على دعم الاسيسكو للملفات التي تعتزم تونس تسجيلها في القائمة النهائية للتراث العالمي باليونسكو. كما أقرّت اللجنة الدولية الحكومية لاتفاقية صون التراث الثقافي اللامادّي التابعة لمنظّمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، إدراج طريقة صيد الأسماك المعروفة باسم “الشرفية” في قرقنة على قائمة التراث العالمي اللامادي

غذا الجزء الثاني من هذه الورقة

مواضيع ذات صلة