من غشّنا فهو منّا . بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي .
دعونا نتصارح ، دعونا نفرّغ قلوبنا و نحكى على المكشوف ، دعونا على الأقل و رغم سيف المرسوم 54 المسلول أن نتمسك بحرية التعبير المكسب الوحيد الذي تحقق و نتحدث عن الغش ، أي نعم عن الغش ، لأنه مع الوقت و منذ حلول ركب هذه الثورة البائسة ازداد انتشار الغش في المجتمع بمرور الوقت و لا شيء يشير أن حكومة الفشل الثانية التي يقودها السيد أحمد الحشانى ستنجح في علاج هذه الآفة أو في تراجعها على الأقل . اذهب إلى بائع الخضر و الفواكه و استمتع عند عودتك بتلك الثمرات المعطوبة و الفاسدة التي “مررها ” إلى قفتك في غفلة ثقة منك و نفس الشيء تقريبا مع الجزارين و باعة الحوت و الفواكه و غيرها . لقد أصبح ما يحصل في امتحاناتنا التربوية من غش يتم فيه استعمال التكنولوجيا العصرية مثيرا و محبطا في نفس الوقت و رغم ما تتخذه الوزارة من احتياطات تسربت مواضيع الامتحانات و باتت تباع في السوق السوداء .
شيء مضحك أن ينتبه السيد الرئيس و بعد أن وقعت الفأس في الرأس إلى موضوع الشهائد العلمية المدلسة و التي مكنت المئات من احتلال وظائف دفع من أجل الوصول إليها أصحابها شيء و شويات ليتأكد أن هناك مافيا خطيرة و نافذة بإمكانها تزوير كل شيء و لا يهمها في الأمر إلا ما تقبضه من الملايين من هؤلاء الذين ملّوا البطالة فتحولوا في لحظة يأس إلى غشاشين و مجرمين و مدسوسين على إدارة بيروقراطية متكلسة ميتة الإحساس و عديمة الإنتاج تعانى من الكثرة و قلة البركة . المصيبة أن سيادته قد أمر بتكوين لجان فحص تقوم بمهمة البحث عن هؤلاء المدسوسين و عن هذه الشهائد المزورة و بطبيعة الحال كل من سيشمله البحث و المعلوم و المستقرّ عليه أنه إذا أرادت الحكومة قبر ملف و تعويمه فما عليها إلا تكوين لجان تحقيق و موت يا حمار .
نحن شعب نعشق الغش و التزوير و الاحتيال و من لا يصدقني عليه التفضل بالاتصال بمكاتب ضبط المحاكم للاطلاع على كم الشكايات المقدمة في الغرض و التي تنتهي في أغلب الأحيان إلى الحفظ بسبب براعة الغشاش و المتحيل و المزور بحيث يبقى المتضررون يندبون حظوظهم العاثرة التي جعلتهم يصادفون مثل هؤلاء المحترفين و يتلقون ذلك القول الذي لا يختلف عن التوبيخ ” لا يعذر جاهل بجهله ” . في عصر أصبح لاعب كرة يتقاضى شهريا ما يعادل أو يزيد عن راتب مائتي أستاذ من المنتظر أن يلجأ الكثيرون إلى الغش لتحصيل أكثر ما يمكن تحصيله من المال المشبوه و أن يلتجأ آخرون إلى مافيا الشهائد المزورة حتى يتمكنون من السطو على وظيفة حكومية و يتقاضون شهرية مسمار في حيط بعد أن كانوا محسوبين على قوائم البطّالة و المنحرفين و مرتادي دور الفساد ومع حكومة مريضة بالرعاش و التأتأة و الارتباك العضوي فيمكن القول أن مافيا الغش تكاد تسقط من الضحك حين تم تعيين لجان تحقيق .



