
من يريد تحرير فلسطين عليه أن يحرّر نفسه أولا
تعيش فلسطين الحبيبة منذ أيام انتفاضة جديدة على ظلم تعرضت له ومازالت منذ أكثر من مئة سنة سلاحها في ذلك صبر وعزيمة الشعب الفلسطيني المكافح والذي ضحى بالكثير في سبيل وطنه رغم وجود بعض العملاء والخونة فيه ولا شك أن تضامن تونس كغيرها من بلدان العالم يبقى مطلوبا ولكن هل يكون التضامن بالخطب الرنانة والتنديدات والتهديدات الجوفاء والاستماع إلى النشيد الرسمي لفلسطين ورفع علمها في الساحات والإدارات وتزيين مواقع التواصل الاجتماعي به مع بعض الشعارات… رئيس الجمهورية نتوسم فيه خيرا ولكنه على أرض الميدان لم يغير شيئا من حال تونس ولو قليلا والعيب ليس منه وحده فكلنا رئيسا وحكومة وسياسيين وإداريين وعمّالا ونقابات وشعبا مسؤولون عن وضعنا المتردّي العصيب.. مازالت الرشوة والمحسوبية والظلم والفساد تسري بيننا وقد يخدم السياسي والنقابي مصالحه على حساب شعبه.. بتنا نتوسل الإعانات من صندوق النقد الدولي ونرهن أنفسنا والأجيال القادمة في ديون كبيرة ونحن مهددون بالإفلاس وقد استباحتنا عديد الدول التي تريد استمالة تونس إلى محور على حساب آخر بفضل نخبتنا العميلة بل إننا عاجزون عن جلب أعلاف ومن ثمّ توزيعها توزيعا عادلا على مربّي المواشي وتارة نفقد السكر وطورا نفقد الحليب وتارة أخرى نفقد السميد والفارينة وحتى الأرز والشاي الأخضر من الأسواق بل إننا عاجزون عن صنع خبز بنوعية جيدة أو مراقبة المخالفين في كل ما سبق وينقطع عندنا الماء الصالح للشرب والتيار الكهربائي والانترنات عندنا بسرعة السلحفاة.. نحن عاجزون حتى عن إبعاد حجارة عن النهج بل الكل يرمي بأوساخه فأصبحت طرقاتنا وحقولنا المهملة مزابل وبوّالات عامة أمام تراخي البلديات التي لا تقوم حتى برفع الفضلات في بعض المناطق أو مقاومة الكلاب السائبة والاعتناء بالتنوير العمومي وغير ذلك من الخدمات العادية كما ضعفت فينا قيمة العلم والعمل والإنتاجية والضمير والإحساس بالآخرين شعارنا في ذلك “اخطى راسي واضرب” والكثير منا يشاهد الضيم ولا يتحرك لنصرة أخيه المظلوم لأن الأمر لا يهمه رغم أن القصة ستحدث للجميع في نهاية الأمر ولكنها اللامبالاة والأنانية فهل بهكذا حكومة وهكذا شعب نستطيع أن نحرّر فلسطين وندعو نحن دول العالم إلى الاستفاقة ورد المظالم إلى أهلها وكأننا أكثر وعيا وتقدما منهم ؟ من أراد أن يحرّر فلسطين عليه أن يحرّر نفسه أولا ويقوم بأبسط الأشياء من أجل حماية ورعاية وطنه وإلّا فنحن نكذب على أنفسنا وندّعي ما ليس فينا وقد كنا سبّاقين في هذا كثيرا فلقد ادعينا سابقا أننا اخترعنا لقاح كورونا قبل كل الدول وأننا انتصرنا على الوباء بحنكتنا وحكمتنا لأننا الأذكى والأقوى دائما وادعينا أن دستورنا أفضل دستور في العالم وأن منتخبنا سيصل إلى ربع نهائي المونديال ولكن في كل مرة تظهر النتائج سلبية وعكسية… وأخيرا فالكلام سهل جدا ولكن هل من هؤلاء المتحدثين المتحذلقين من يعرّض رقبته للمشنقة في سبيل فلسطين كما فعل المجاهد صدّام حسين المجيد رحمه الله ؟ لا أعتقد.
سامي النيفر