نجيبة المعالج دربال تكتب لكم عن زكاة الفطر
ونحن نقترب من نهاية هذا الشهر الفضيل فلنودعه بأداء زكاة الفطر، والزكاة تطهّر النفس من رذيلة الشّحّ فتألف البذل والعطاء ابتغاء رضاء الله ورغبة في طاعته وشكرا على نعمه، وهي عبادة وفريضة، جعلها الله أحد مبادئ الإسلام، وأردف ذكرها بالصلاة التي هي أعلى قواعد الإسلام بعد الشهادتين، فقال تعالى: “وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة” سورة البقرة الاية 43 ، ووعد الله الذين يؤتون الزكاة برحمته، وشدّد الوعيد على المُقصرين في إيتاء الزكاة وقال : “والذين يكنزون الذهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم” سورة التوبة الاية 34 ومعنى الانفاق في سبيل الله هو إخراج الزكاة فيما بلغ النصاب وهي للأصناف الثمانية المذكورين في القرآن.
فبالزكاة ترفع منزلة المزكي وتُكَفَّرُ عنه سيّئاتُه بما أسدى من خير ومعروف، وهي تخفف الحسد والبغضاء بين أبناء المجتمع، وتقلل من جرائم الفقر، وتفتح أبواب العمل للعاطلين فيتحقق التكافل الاجتماعي. ويحل شهر رمضان كل عام ليكون موسما للخير ومغنما للأجر والثواب ومبرة بالفقراء وميدانا للطاعات والقُربات.
قال تعالى : “قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربّه فصلّى” سورة الاْعلى الايتان 15/14، وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن هاتين الآيتين فقال إنهما نزلتا في زكاة الفطر وما شرعت زكاة الفطر أو صدقة الفطر إلا لدعم صفات المودة والألفة بين الناس والقضاء على أسباب البغضاء والعداوة والحسد، وليعم الفرح والسرور والصفاء بين الأغنياء والفقراء جميعا في أيام خُلقت للفرح والسرور. وتُسمى زكاة الفطر زكاة رمضان وزكاة البدَن وصدقة الرأس، وقد سميت بذلك لأنّها تجب بالفطر، وشكر الله على تمام الصيام، وقد شرعت في السنة الثانية من الهجرة تطهيرا لصيام الصائم، وعونا للفقير والمحتاج والتوسعة عليهما وإدخال الفرحة إلى قلبيهما حتى لا يشعرا بمرارة الحرمان والفاقة، في الوقت الذي يوسع فيه المسلمون على أولادهم وأهاليهم في أيام العيد، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما : فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللّغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة أي صلاة العيد فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، ولذلك كان وقت وجوبها هو آخر رمضان وبداية شوال صباح يوم العيد قبل صلاة العيد للإسراع في إدخال السرور على المُحتاجين.
قال صلّى الله عليه وسلّم: “واغنوهم، أي الفقراء، عن الطواف في هذا اليوم” رواه الدارقطني والبيهقي، ولا تسقط بعد العيد عمن وجبت عليه بل يجب قضاؤها، وكل المسلمين مخاطبون بها ذكورا كانوا أو إناثا، صغارا أو كبارا ومقدارها عن كل فرد صاع من غالب قوت البلد إما قمح، أو شعير أو أرز أو تمر أو زبيب أو يقدر ذلك بالمال.
وقال صلّى الله عليه وسلّم: “صوم رمضان معلّق بين السّماء والأرض لا يُرفع إلا بزكاة الفطر” فصوموا وصلوا وآتوا الزكاة في هذا الشهر وقدموا لغيركم ما استطعتم من الخير فإن الثواب يُضاعف في رمضان. وإسداء المعروف وإطعام الجائع في هذا الشهر الكريم يقع في ميزان الله أعظم موقع لأنّه شهر الجود والكرم والمُواساة والتراحم. ونختم بما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : “حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقات” رواه الطبراني.
اللّهم اهدنا في من هديت وبارك لنا في ما أعطيت، واجعل زكاتنا مغنما ولا تجعلها مغرما، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات يا ربّ العالمين.
كل عام وأنتم بخير
مع تحيات نجيبة المعالج دربال