نحـــــــــــــــــــن قــــــــــــــــــــــــادرون … حسونة الجمعاوي

نحـــــــــــــــــــن قــــــــــــــــــــــــادرون … حسونة الجمعاوي

15 افريل، 18:30

يرى البعض أن الجوائح والأوبئة العالمية لها عادة انعكاسات سلبية صحية واجتماعية واقتصادية كبرى. غير أن هذه القاعدة تكون عكسية لدى بعض الشعوب التي تعرف كيف تستغل الظرف خاصة في الميدان العلمي والاقتصادي. ففي الميدان العلمي تثير هذه الجوائح والأوبئة رغبة في التسابق لتكثيف البحث العلمي قصد اكتشاف مضادات او لقاحات ضد المرض يفيد العالم ويعود على البلد الذي يكتشفه أرباح اقتصادية وقيمية بلا حساب. في تونس أول إيجابيات جائحة الكرونة-19 كان علميا بالأساس فبالإضافة إلى ما توصل إليه الفريق النسائي، برئاسة الدكتورة إلهام بوطيبة من التعرف على التسلسل الجيني لفيروس كورونة-19، أسجل بكل فخر وارتياح دخول معهد باستور وغيره من المخابر العلمية في البحث عن لقاح ضد هذا الوباء بعد ان قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تمويل الأبحاث العلمية لتطوير دواء او لقاح ناجع لهذا الفيروس وربما لغيره من الأوبئة. لا ولن انسى أيضا المبادرات الشبابية واطاراتهم العلمية والبحثية في مجال التكنولوجيا التي كان لها نصيب في ابتكار المعدات الخاصة بمقاومة كورونا-19. ولا انسى ايضا المجتمع المدني والمؤسسات او الذوات التي تجندت تطوعا بتوفير المستلزمات الضرورية لمقاومة هذه الجائحة. وهنا اؤكد أن التونسي يكتسب إمكانيات علمية واسعة يشهد لها العالم وهو قادر على الإبداع إذا توفرت له الإمكانيات المادية والقرار السياسي لفتح المجال للبحث. أما الانعكاسات الإيجابية المحتملة على الاقتصاد التونسي أذكر اولا بما قام به السيدان حكيم بن حمودة ومحمد هادي بشير بحث وتقديم دراسة تضمنت اربعة سيناريوات سيواجهها الاقتصاد التونسي إثر الخروج من ازمة فيروس كوفيد-19. وقد اعتمدا الخبيران في تحليلهما على تطور تفشي هذا الفيروس ومستوى التحكم فيه بدءا بفرضية السيطرة على انتشاره (الفرضية الأدنى والأفضل) إلى فقدان السيطرة تماما عليه (الفرضية القصوى) وهي جميعها فرضيات متشائمة لأنها افضت إلى مؤشرات تقديرية سلبية. احترامي للخبيرين ليس فيه شك، لكن في اعتقادي ان هناك سيناريو خامس لم يأت عليه الخبراء وهو ان تكون الأزمة الصحية حافزا كبيرا لتونس لتحقيق نسب عالية من النمو واستثمارات ذات حجم أكبر ومتنوع في القطاعات الأساسية والواعدة وذلك مثلما كانت إيجابية في ميدان البحث العلمي. شخصيا أعتبر ان هذا السيناريو الأكثر واقعية ونتائجه حقيقية (reel )، بالنظر لما سييشهده الطلب العالمي من مختلف المواد والخدمات من ارتفاع ملحوظ إثر انتهاء الحرب العالمية الصحية ضد الكوفيس19. ومن المؤكد أنه سيشمل ليس فقط المواد والخدمات التي تنتجها او تسديها بلادنا بل وبالخصوص اليد العاملة الكفأة في جميع الميادين خاصة انه من المنتظر ان يتم فتح الحدود أكثر فأكثر لهذه الفئات من قبل أغلب البلدان الني تضررت أكثر من غيرها مثل أروبا وأمريكا. لكن يبقى نجاح هذا السيناريو مرتبطا، حسب رأيي، بعدة عوامل منها بالخصوص التزام كافة الأطراف بالعمل الجاد والتفاني فيه والرفع من الانتاجية عند العودة للعمل والدراسة بعد الحجر الشامل، سواء كان عاملا وموظفا أو صاحب رأس المال أو تلميذ أو طالب، وذلك لمجابهة الطلب الداخلي والعالمي وغزو الأسواق من جديد وخاصة منها الأسواق التقليدية. نجاح هذا السيناريو يبقى مرتبطا أيضا وبالخصوص بالقرار السياسي المطالب بلملمة الصفوف وتوفير ما يجب توفيره من دعم للعامل والمؤسسة وتحفيز المبادرات وتحريرها. لذلك أدعو الجميع إلى التحلي بالروح الوطنية والتضامنية التي كرستها أكثر فأكثر جائحة فيروس كوفيد-19 للوقوف صفا واحدا من أجل تونس وشعبها والذهاب ببلادنا إلى مرتبة البلدان النامية، ونحن قادرون.

مواضيع ذات صلة