هذه الكرة الملغومة بالمظالم خطر جسيم يهدد السلم الإجتماعي في البلاد…مصطفى عطيّة
لم يكن أكثر المتشائمين، وحتى جحافل الحاقدين والشامتين، وما أكثرهم في هذا الزمن التونسي الموبوء بالحقد والكراهية، ينتظر أن تصل أوضاع كرة القدم التونسية إلى هذه الحالة الكارثية الملطخة بأوحال العار والظلم والعنف، بقي أن المسألة أبعد وأعمق من “أخطاء تحكيمية عادية” وشغب “فئة ضالة”، كما يحلو لجوقة الهياكل المشرفة على القطاع وزبانيتها وإعلامييها وأبواقها إيهامنا بذلك، وقد كنا نبهنا لخطورة ما يحدث في قطاع كرة القدم التونسية الذي نخره الظلم في كل أجزائه ومكوناته، وعبثت به أيادي الفوضى والإنفلات والمحاباة وتضارب المصالح والحسابات الضيقة والمعاملات التفاضلية والكيل بمكاييل مختلفة.
لوكانت سلطة الإشراف مدركة لمسؤولياتها لما وقفت مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث في القطاع كرة القدم ولما تركت الحبل على الغارب لمراكز القوى ليعبثوا كما شاؤوا وشاءت مصالحهم ! وكنا في العديد من المواقع قد كشفنا عن الكثير من الأخطار الداهمة وناشدنا السلط وحذرناها من مغبة التمادي في تجاهلها لإرهاصات الكارثة. هل بمثل هذه السلبية وهذه اللامبالاة يمكن إصلاح الأوضاع في قطاع يستقطب إهتمام الناس وخاصة الفئات الشابة ؟! وهل بهيكل جامعي يستنجد بأجنبي، تاريخه ومستواه أقل بكثير من الرصيد المعرفي للكفاءات التونسية، للإشراف على قطاع التحكيم؟
وهل بهذا المكتب الجامعي الذي يشرف على إدارة مسابقات مغشوشة، ومنظومة إحترافية منحرفة، يمكن تجنب الكوارث التي تحدث في ملاعبنا وتهدد الأمن القومي للبلاد !؟ أسئلة عديدة ومشحونة بالحيرة والألم يطرحها الناس بٱستمرار وتدفع الكثير من الجماهير التي انهكها الشعور بالظلم إلى اقتراف أبشع وأخطر أعمال الشغب والعنف. ليعلم الجميع أن الملاعب هي أخطر محاضن الغضب والتمرد ، وكلما تتالت المظالم الرياضة بدون رادع إلا وٱزدادت الرغبة في إضرام فتيل العنف أكثر .
يجب أن نعترف أن حال كرة القدم التونسية من من حال هياكلها الخاضعة لكل صنوف الإنتمائية، ومن حال تلك الجوقة الموبوءة ببداء النباح الهستيري المقرف في بلاتوهات الدعارة الإعلامية، لذلك ليس من باب الصدف أن نرى تلك الفضائح التحكيمية ذات روائح الظلم المتفاقم، وذاك العنف المستشري في الملاعب، وليس من باب الصدف مطلقا ان تتتالى خيبات منتخباتنا وجمعياتنا في المسابقات الإقليمية و الدولية، وان يمنع حكام كرتنا البائسة من إدارة المقابلات في التظاهرات العالمية.
لا بد من تدخل السلط لإيقاف هذا المد الخطير، الذي يهدد الأمن القومي للبلاد وسلمها الإجتماعي، بدءا بطرد المشرف على إدارة التحكيم، فلنا من الحكام الدوليين القدامى من يفوقونه كفاءة ومصداقية وتجربة وحيادية، وصولا إلى وضع المكتب الجامعي والهياكل المرتبطة به امام مسؤولياتهم، وتحميلهم أعباء ما يحدث وما قد يحدث، علما وان الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي يتدثر بعضهم ب”حمايته” الوهمية، كما تدثر بذلك الذين من قبلهم دون جدوى، لا يتدخل أبدا لحماية منظومة ترزح تحت أثقال غضب جماهيري عارم، وثبت انها عاجزة عن تطبيق القوانين والمواثيق الرياضية بشفافية ونزاهة وحيادية وعدالة ومكيال واحد.






