
هل إنتهى حزب الله؟…بقلم حميم عاشُور
سؤال تردد كثيرا في الآونة الأخيرة هل إنتهى حزب الله فعلا وخرج نهائيا من معادلة الردع وتوازن الرعب الذي شكله طيلة العقد الأخير من المواجهة الغير مباشرة مع الكيان الصهيوني بالمنطق الحسابي والمادي يبدو الأمر كذلك خاصة بعد اغتيال قادته البارزين في الصف الأول والثاني وأبرزهم طبعا حسن ن صر الله أمينه العام وعقله العسكري فؤاد شكر كما فشل الحزب في توجيه ضربات موجعة لإسرائيل كما تعود أن يفعل في السابق بعد أن كشفت كل أوراقه ونجحت في اختراقه وحتى تفكيك العديد من بناه العسكرية طيلة سنوات لم تتمكن إسرائيل من الدخول مترا واحدا داخل الأراضي اللبنانية وكان لها الحزب دائما بالمرصاد كلنا يتذكر مجزرة الدبابات في حرب تموز 2006 وكيف تمكن مئات من المقاتلين من حزب الله من إجبار الجيش الصهيوني على التراجع بينما في المواجهة الأخيرة لم نر شراسة مقاتلي حزب الله التي تعودنا بها لم نر عمليات نوعية مباغتة لم نر كمائن محكمة كالتي نفذتها القسام في قطاع غزة …
أين ذهب 100 الف مقاتل الذي جهزهم لقتال الصهاينة أين ذهبت ترسانته العسكرية الرهيبة أيعقل ان يكون أداء المقاومة الفلسطينية المحاصرة وبتسليح ضعيف أقوى من أداء حزب الله المدجج بكل أنواع الأسلحة كلنا تقريبا شعر بالصدمة وخيبة الأمل الكبيرة من الأداء الباهت للحزب ليس تضخيما لقدراته بل لأننا كنا نثق في إمكاناته الذي حدث لحزب الله أمر جلل بكل ما للكلمة من معنى فالحزب تلقى فعلا ضربة عسكرية قاصمة شلت حركته وأدت لانحسار نفوذه السياسي داخليا إسرائيل نجحت في توجيه ضربة غير تقليدية لحزب الله وظفت فيها التكنلوجيا والذكاء الاصطناعي والدهاء العسكري لم يكن بمقدور حزب الله أن يرد على هذه الضربة بالمثل نظرا للفارق الكبير على المستوى العسكري والتكنلوجي خاصة وان الصهاينة تمكنوا من بناء منظومة دفاعية محكمة شلت بشكل كبير الهجمات التي نفذها الحزب على الكيان ليفقد معها قوة الردع التي كان يتمتع بها في مواجهة إسرائيل وهو ما دفع الحزب للقبول بشروط وقف إطلاق النار المذلة بعد أن عاين بنفسه الخسائر الكبيرة التي مني بها عسكريا وسياسيا
كان لزاما عليه وقف نزيف الخسائر المتفاقم في انتظار ربما تدخل إيران في المواجهة وتحسين موقفه العسكري وهذا ما يفسر سياسة ضبط النفس التي انتهجها الحزب طيلة عام كامل من وقف إطلاق النار الذي خرقه الصهاينة قرابة 4 آلاف مرة وتواصل القصف الصهيوني بشكل يومي على المناطق اللبنانية حيث امتنع عن الرد العسكري على الخروقات المتكررة ليس لأنه أصبح يخشى مواجهة مباشرة مع الكيان ولكن يبدو أنه بصدد استخلاص الدروس من آخر مواجهة عسكرية بينهما حيث تيقن قادة الحزب بأن الوسائل التقليدية لم تعد لها فاعلية تذكر في أرض المعركة مع عدو يتفوق عليهم في كل المجالات هم الآن في مرحلة إعادة ترميم لقدرات الحزب على جميع الأصعدة وتغيير كامل لخطط الحرب وربما الاعتماد على وسائل قتالية أخرى مبتكرة مثل سلاح المسيرات الذي أثبت فاعليته على عدة جبهات ويصعب رصده بمنظومة القبة الحديدية التي نجحت في تحييد خطر الصواريخ بشكل كبير لن يكون الحزب في مهمة سهلة لترميم قدراته العسكرية في ظل غلق للحدود مع سوريا والحصار الداخلي الذي يفرضه الجيش اللبناني وهو بصدد تفكيك بنيته العسكرية واقعيا لن يفكر حزب الله في مواجهة إسرائيل منفردا طالما لم يتمكن من ترميم نقاط ضعفه التي لاحت في مواجهته الأخيرة مع إسرائيل نحن الآن في مرحلة انتقالية دقيقة يعيشها الحزب يتوقف عليها مستقبل الحزب السياسي والعسكري كلاعب محوري في الإقليم الذي يعرف سيطرة صهيونية شبه مطلقة بعد تدمير البرنامج النووي الايراني وسقوط النظام السوري وحالة الضعف والانبطاح العربي لا أحد بامكانه التنبؤ بمستقبل حزب الله ولا بمستقبل المنطقة برمتها ..