هل مازالت كرة القدم ممتعة ؟.. سامي  النيفر

هل مازالت كرة القدم ممتعة ؟.. سامي النيفر

22 مارس، 21:15

سؤال يلحّ علينا كثيرا ويتأكّد مع كل مباراة نشاهدها في تونس طبعا ولكن حتى في أوروبا والعالم…

ربّما هناك تراجع في النسق عالميا بعد الكورونا والحروب والأزمات الاقتصادية والرشاوى والفساد وانعدام أخلاق بعض اللاعبين والمدربين والمسيّرين… ربّما كثرة المباريات والضغوطات من الأسباب… ربّما ضعف البنية الجسدية للاعبين بصفة عامّة ولم يعد هناك ذاك الموهوب الذي يحدث الفارق بفنّيّاته ومهاراته الفردية ولم يعد التركيز على اللعب الجميل والمفتوح بقدر ما هناك غلق للمنافذ وخطة تكتيكية ولعب جماعي وكأنهم روبوتات أو آلات في البلاي ستايشن… أصبحنا نعتمد على إحصاءات الحواسيب وكم جرى اللاعب وما هو احتمال تسجيله لهدف من زاوية معينة وكم صنتمترا يجب أن يرفع رجله عند التسديد وتعدّى ذلك إلى الفار الذي رفضه بلاتر لأنه يفسد متعة اللعبة الشعبية ويجعلها غير موحّدة في العالم. ثمّ استبشرنا بالفكرة في أشهرها الأولى إلا أننا نسينا أن الإنسان الذي هو المشكل في الأصل هو من يحرّك هذه التكنولوجيا فتحايل عليها بالإضافة إلى إضاعتها للوقت وقتلها للحماس أحيانا وحساباتها الهندسية الضيقة مثلما تفعله مسطرة التسلل… ولكن هناك عامل آخر بدأ يبرز أكثر من أي وقت مضى وهو تقطّع اللعب ونتحدّث عالميا ففي تونس لا نلعب أكثر من 20 دق فعليا ونحن نسرق الوقت بدل الضائع بعد أن بدّدناه في المباراة بأساليب دنيئة من بعض اللاعبين والممرنين والمسيرين وملتقطي الكرة والجماهير… ولكن حتى في الدول المتطورة كرويا هناك تقطّعات وإصابات وخصومات وخروج الكرة ومخالفات وتلكّأ في التغييرات أو اللعب من الفريق الفائز وجدالات متواصلة مع الحكم… صحيح أنها لا تقارن بالمهازل التي عندنا ولكنّ الأمر زاد عندهم أيضا…

هذا كله صحيح، ولكن لماذا لا نتّهم أنفسنا أيضا ؟ نحن أيضا تغيّرنا فلم نعد مركّزين فمن منّا يثبت على نفس القناة أو الموقع ساعة ونصف ؟ ومن منّا لا يأكل أو يتناقش مع العائلة أو أصحاب المقهى أو ينشغل بالهاتف فيقوم بشيئين أو ثلاثة معا خلال الفرجة على المقابلات في عصر السرعة وقلة التركيز ؟ ربّما أعصابنا لم تعد تتحمّل حتى الثبات على الفرجة على مقابلة ترفيهية وأصبحنا “نسرح” ونفكّر بأشياء أخرى ونتوتّر ولا نركّز وعلمتنا التكنولوجيات الحديثة أن نكون على أعصابنا ونملّ بسرعة ونفعل أكثر من شيء في آن واحد وبسرعة وأصبحنا كسالى ونتعب من كل مجهود… ربما دخلتنا الكآبة والشرود والهرج بالإضافة إلى تعصّبنا وعدم تحلّينا بالروح الرياضية وكل ذلك يفسد المقابلة حتى لو كانت حلوة في الأصل… هذا لا ننكره ولكن رغم كل شيء فالمباراة الجيدة تفرض نفسها مهما كانت عيوب المتفرّج الذي سينتبه لجمالها ولو قليلا.

وفي النهاية، ينطبق علينا مثل “شويّة م الحنّة شويّة من رطابة اليدين”.

مواضيع ذات صلة