وطن في مهب الريح … بقلم أحمد الحباسى كاتب و ناشط سياسي

وطن في مهب الريح … بقلم أحمد الحباسى كاتب و ناشط سياسي

14 أكتوبر، 21:45

 أكاد أجزم أنه لا يوجد بلد عربي بلغ فيه الفساد و سقوط مفهوم الدولة و توسع دائرة عزلته عن العالم ما وصل إليه الحال في تونس  . انتشرت في تونس كل أصناف  الفساد لانعدام تام للمحاسبة و بسبب فساد القضاء نفسه و فساد السلطة التي حكمت بعد ما يسمى نفاقا بثورة الياسمين  فلا حركة النهضة قاومت الفساد و لا الرئيس قيس سعيد حاول مجرد المحاولة للمسّ من ” سلطة ” المتربعين على  عرش الفساد في تونس و الذين لم يخجل بعضهم من الترشح و دخول البرلمان المنحل .

حين تتكلم مع البعض هناك من يرى أن تجميع  الرئيس للسلطات بدون ” استئذان” و بقوة التفسير و التأويل الأحادي المستفز  للقوانين السارية هي محاولة سطو  باسم القانون على مقاليد الحكم و هي جريمة موصوفة و متعمدة لا تقل خطورة أو مدعاة للانتقاد و لضرورة المحاسبة عن جرائم الاحتكار التي يرتكبها المضاربون و المحتكرون أو ما يرتكبه بعض القضاة من انزلاق نحو الارتشاء و تحريف مواد القانون لصالح أطراف نافذة على حساب  المتقاضى الذي تعوزه المادة و لا يملك أي سند .

سالت أطنان من الحبر و تحدث كثيرون و لا يزالون يشيرون إلى محنة هذا الشعب التي أصبحت ظاهرة مستعصية و غير قابلة للعلاج بسبب تفشى الفساد من كل الأصناف  المختلفة التي  أشرنا إليها بأصابع الاتهام و ربما هناك أنواع أخرى من الفساد الغير الظاهر .  من يستمع إلى تصريحات رئيس الدولة في خصوص عزمه على مقاومة الفساد و إطلاق الاتهامات جزافا و يتابع الأفعال يصل إلى قناعة راسخة أن ما يقال  لا يخرج عن نطاق الشعارات الجوفاء لأنه و بكل بساطة و للقضاء فعلا على الفساد أو على الأقل مقاومته يجب أن تكون إرادة سياسية و رؤية واضحة و سعى دءوب لإصلاح منظومة المحاسبة التي يكون القضاء الناجز أحد أعمدتها الفاعلة كما يجب أن تكون  هناك عدالة جبائية و سياسة واضحة لجلب الاستثمار دون تعرض المستثمرين الى تعطيلات بيروقراطية تخلف آفة الرشوة  كما يجب الضرب دون رحمة على يد الفاسدين و المحتكرين . مع الأسف لا يملك الرئيس مما تقدم سوى الشعارات و لا غير الشعارات .

حين يصر الرئيس على إبقاء حكومة فاشلة و يصر على ترديد نفس الشعارات و يصر على اتخاذ مواقف رعوانية تعزل تونس عن  محيطها و يصر  عبثا على  عدم مغادرة  قصره  للخارج سعيا لجلب الاستثمارات و المعونات فبالمجمل  لن يتحرك الوضع نحو التحسن هكذا دون  سبب . بطبيعة الحال لا أحد  يجزم أن  للرئيس رؤية أو  نيّة اتخاذ قرار  و لا  أحد يثق في أن الرئيس قيس سعيد بالذات قادر على إدارة شؤون البلاد  حتى لو استحوذ على كل السلطات مثنى و ثلاثا و رباعا لان فاقد الشيء لا يعطيه بل لان الرجل و كما يظهر  لم يكن يحلم بالوصول إلى هذا المنصب أو كان يتصور عبثا أن إدارة شؤون البلاد لا يختلف عن تدريس بعض الطلبة دون تحمل مسؤولية نجاحهم أو فشلهم . على عكس البعض لا  شيء يوحى حقا أن سيادة الرئيس يهتم بما آلت إليه أحوال البلاد و العباد و لعل صمته و صمت حكومته على كل الفواجع اليومية التي  ضربت العائلات التونسية بسبب حالات الغرق لمتكررة لأبنائهم الهاربين من هذا الوضع الكارثى الذي ساهمت الحكومة مساهمة فعالة في تصاعد منسوبه بسبب فشلها في إدارة  البلاد يؤكد قلة الدراية و فقدان النجاعة و غياب الرؤية الثاقبة. لذلك يسقط الوطن سقوطا بطيئا مخيفا .

مواضيع ذات صلة