
وليد التليلي..وداعا أيها الرجل الجميل …بقلم زهير بن حمد
كان من الإذاعة وإليها، إذاعيا صميما، في نبرة صوته، في معجمه، في كلماته، في قدرته على التوصيف والسرد وإنشاء المعنى، في حضوره، في تعاطيه مع ضيوفه ومستمعيه ومستمعاته، على خلفية زاد محمود من الفكر والثقافة وذائقة موسيقىةراقية، إذا تحدث أحسن الحديث فلا ثرثرة ولا فظاظة، وإذا سأل أحسن السؤال،وإن علّق اختزل وأضاف، والحقيقة أن خصاله الإذاعية أكثر من ذلك بكثير.
حصل لي أن تعرفت إليه شيئا قليلا عندما عملت في المصالح الإذاعية المركزية بشارع الحرية في السنوات التي تلت ما حصل في تونس من منعطف سياسي وإعلامي سنة 2011، وأجزم أنه من خيرة من تداولوا على مصدح الإذاعة العمومية من أصوات، صدقا وجرأة وذكاء، فجمع بين جمال الانتماء لتونس في غير انفعال ولا افتعال، وامتلاك القواعد الاحترافية العالية، ولا غرو أن ينجذب إليه من يستمع إليه على الفور، فمعه الامتاع حاصل كما الإفادة، في البرامج الصباحية أو في السهرات الليلية، هو الذي بدأ مغامرته الإعلامية قلما صحفيا ناقدا.
في برنامجه، ” رحمة للعالمين “، وهو يحاور شيوخا لهم معرفة بالدين الخاتم، صارت فترة ما بعد صلاة الجمعة على موجات الإذاعة الوطنية واحدة من أحلى الفترات الإذاعية ذات الطابع الديني، مساحة روحية تفيض صدقا وإيمانا، فيها تجلت خصال وليد التليلي الإنسان، رجلا مؤمنا، يبحث في ذاته وفي ذوات من حوله عن ذلك المسلم المعتدل الوسطي، عقيدة وسلوكا، في زمن ما أيسر أن تشبه فيه السبل وتزيغ فيه القلوب والأبصار.
هو في تقديري مع ٱخرين قليلين، من أفضل من تمثلوا إرث الإذاعة الوطنية العريق وواصلوه، ففيه وفي مسيرته من بصمتها وحمضها النووي وله غيرة عليها صادقة. كان نجما من نجومها وأحد من نجحوا في إطلالاتهم التلفزيونية، ولو أراد الثروة والمال والشهرة لسارع إلى القطاع الخاص، ولو شاء الالتحاق بالفضاء السمعي البصري العربي لكان له ذلك عن استحقاق، وها هو رحيله يصادف دورة أخرى من دورات المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون.
عرفته أنيقا، مبتسما ممازحا، صريحا متسامحا، يبادل من حوله المحبة والاحترام بلا تكلف، رجلا جميلا كما يكون جمال الرجال.
له الرحمة والمغفرة والثواب ولأهله وزملائه جميل الصبر والسلوان.فرع صفاقس لجمعية قدماء الإذاعة والتلفزة التونسية يتقدم لعائلته الكريمة وأحبائه وسائر الأسرة الإذاعية والإعلامية التونسية و العربية بخالص العزاء وصادق عبارات المواساة.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
زهير بن حمد